للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقترنان)

ثم أتمّ الله عزّ وجل الجواب بلفت نظرهم إلى مظاهر قدرته في خلق السموات والأرض، وإلى قدرته تعالى على تعذيبهم في الدنيا، وفي ذلك إقامة حجة عليهم، وإنذار لهم فقال: أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ فلو أنهم رأوا لأيقنوا بقدرة الله التي لا يعجزها شئ، وبالتالي لأيقنوا باليوم الآخر، ولكن أعمتهم الألفة، فلم يعودوا يشاهدون عظمة الخلق والخالق إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ أي قطعا، ومن المعلوم أن النيازك التي تصطدم بالجو يوميا لو أنها تصل إلى الأرض بأن كان حجمها أكبر مما هي عليه فإن حياة الإنسان على الأرض تكون مهددة يوميا. وقد وصلت بعض النيازك إلى الأرض فأحدثت فيها حفرا كبيرة، قال ابن كثير: (أي لو شئنا لفعلنا بهم ذلك الخسف، أو الإسقاط؛ بظلمهم وقدرتنا عليهم، ولكن نؤخر ذلك لحلمنا وعفونا) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً أي لدلالة لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ أي فظن لبيب، رجّاع إلى الله، مطيع له قال النسفي: (إذ المنيب لا يخلو من النظر في آيات الله، على أنه قادر على كل شئ، من البعث، ومن عقاب من يكفر به) وقال ابن كثير في قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ: ( ... على قدرة الله تعالى على بعث الأجساد، ووقوع المعاد، لأن من قدر على خلق هذه السموات في ارتفاعها واتّساعها، وهذه الأرضين في انخفاضها وأطوالها وأعراضها، إنه لقادر على إعادة الأجسام، ونشر الرميم من العظام ... ) وقد دلت الآية على أن من اتصف بصفة الإنابة إلى الله بالتوبة الدائمة، هو الذي يرى في السموات والأرض آية على قدرة الله على الخلق، والبعث، وآية على قدرته على التعذيب والانتقام.

...

كلمة في السياق: [حول موضوع المجموعة وصلتها بالمقطع الأول وبمقدمة السورة وبالمحور]

١ - أقامت هذه المجموعة الحجّة على منكري البعث من خلال لفت النّظر إلى قدرة الله على العذاب في الدنيا، بإنزال الكسف من السماء، وبالخسف في الأرض، فالقادر على ذلك، قادر على التعذيب في اليوم الآخر، وقادر بالتالي على إيجاد اليوم الآخر، ولقد جاء الكلام عن اليوم الآخر في مقدّمة السّورة، وفي المقطع الأول، وفي هذه المجموعة، فالسّياق واحد في السّورة، وصلة ذلك بمحور السّورة من سورة البقرة واضحة، ففي المحور جاء قوله تعالى: ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>