للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين موضوع الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر، وليجعل ما قبل السؤال حجة في ردّ ما زعموه، وفي تقرير أن اليوم الآخر لازم من لوازم الإيمان بالله، وإذ قامت الحجة عليهم من قبل فإنّ الجواب على سؤالهم الاستنكاري، يأتي الآن بشكل جواب تقريري، وعرض لما سيكون،

قال تعالى: قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ أي صاغرون ذليلون قال ابن كثير: (أي قل لهم يا محمد نعم تبعثون يوم القيامة، بعد ما تصيرون ترابا وعظاما، وأنتم داخرون: أي حقيرون تحت القدرة العظيمة ... )

فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ أي صيحة واحدة والتقدير: إذا كان الأمر كما ذكر فما هي إلا صيحة واحدة فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ أي فإذا هم أحياء بصراء ينظرون إلى سوء أعمالهم، أو ينتظرون ما يحل بهم قال ابن كثير: (أي فإنما هو أمر واحد من الله عزّ وجل يدعوهم دعوة واحدة أن يخرجوا من الأرض، فإذا هم قيام بين يديه ينظرون إلى أهوال يوم القيامة، عندئذ يرجعون على أنفسهم بالملامة، ويعترفون بأنهم كانوا ظالمين لأنفسهم في الدار الدنيا، فإذا عاينوا أهوال القيامة ندموا كل الندم؛ حيث لا ينفعهم الندم

وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ أي اليوم الذي ندان فيه، أي نجازى بأعمالنا، والويل كلمة يقولها القائل وقت الهلكة، قال ابن كثير: فتقول لهم الملائكة والمؤمنون

هذا يَوْمُ الْفَصْلِ أي يوم القضاء، والفرق بين فرق الهدى والضلال الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ يقال لهم هذا على وجه التقريع والتوبيخ، قال ابن كثير:

(ويأمر الله تعالى الملائكة أن تميّز الكفار من المؤمنين في الموقف، في محشرهم ومنشرهم) ولهذا قال تعالى:

احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا أي: كفروا، والخطاب للملائكة وَأَزْواجَهُمْ أي أشباههم وأمثالهم وإخوانهم وقرناءهم وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي من الأصنام والأنداد، تحشر معهم في أماكنهم فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ أي: فارشدوهم إلى طريق جهنم، أي: دلّوهم إلى طريق النار

وَقِفُوهُمْ أي احبسوهم إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عن أقوالهم وأفعالهم قال ابن عباس: يعني احبسوهم إنّهم محاسبون وقال ابن كثير: أي: قفوهم حتى يسألوا عن أعمالهم وأقوالهم التي صدرت عنهم في الدار الدنيا ...

ثم يقال لهم على سبيل التقريع والتوبيخ ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ أي: لا ينصر بعضكم بعضا، وهذا توبيخ لهم بالعجز عن التناصر، بعد ما كانوا متناصرين في الدنيا

بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ أي منقادون لأمر الله، لا يخالفونه ولا يحيدون عنه قال النسفي: (أو قد أسلم بعضهم بعضا، وخذله عن عجز، فكلّهم مستسلم غير منتصر).

<<  <  ج: ص:  >  >>