قال الألوسي ذاكرا وجه المناسبة بين سورة الحاقة ونون:(ولما وقع في نون ذكر يوم القيامة مجملا شرح سبحانه في هذه السورة الكريمة نبأ ذلك اليوم وشأنه العظيم، وضمنه عزّ وجل ذكر أحوال أمم كذبوا الرسل عليهم السلام، وما جرى عليهم؛ ليزدجر المكذبون المعاصرون له عليه الصلاة والسلام).
وقال صاحب الظلال عن سورة الحاقة:(هذه سورة هائلة رهيبة؛ قل أن يتلقاها الحس إلا بهزة عميقة؛ وهي منذ افتتاحها إلى ختامها تقرع هذا الحس، وتطالعه بالهول القاصم، والجد الصارم، والمشهد تلو المشهد، كله إيقاع ملح على الحس، بالهول آنا وبالجلال آنا، وبالعذاب آنا، وبالحركة القوية في كل آن!
والسورة بجملتها تلقي في الحس- بكل قوة وعمق- إحساسا واحدا بمعنى واحد ... أن هذا الأمر- أمر الدين والعقيدة- جد خالص حازم جازم. جد كله لا هزل فيه. ولا مجال فيه للهزل. جد في الدنيا وجد في الآخرة، وجد في ميزان الله وحسابه. جد لا يحتمل التلفت عنه هنا أو هناك كثيرا ولا قليلا. وأي تلفت عنه من أي أحد يستنزل غضب الله الصارم، وأخذه الحاسم).
(إنها سورة هائلة رهيبة. قل أن يتلقاها الحس إلا بهزة عميقة. وهي بذاتها أقوى من كل استعراض ومن كل تحليل، ومن كل تعليق!).
(ذلك المعنى الذي تتمحض السورة لإلقائه في الحس، يتكفل أسلوبها وإيقاعها ومشاهدها وصورها وظلالها بإلقائه وتقريره وتعميقه بشكل مؤثر حي عجيب:
إن أسلوب السورة يحاصر الحس بالمشاهد الحية، المتناهية الحيوية، بحيث لا يملك منها فكاكا، ولا يتصور إلا أنها حية واقعة حاضرة، تطالعه بحيويتها وقوتها وفاعليتها بصورة عجيبة!).
[كلمة في سورة الحاقة ومحورها]
جاءت سورة الحاقة بعد سورة (ن) التي ذكرنا أنها نهاية مجموعة، وهذا يجعلنا نستأنس أن سورة الحاقة بداية مجموعة، وإذا كانت سورة الحاقة بداية مجموعة فهي تفصل في مقدمة سورة البقرة، ولذلك فإنها تبدأ بالكلام عن اليوم الآخر، وصلة ذلك