للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان المذكور جماعة تنبيها على أن الولاية لله أصل، ولغيره تبع، ولو قيل إنما أولياؤكم الله ورسوله والذين آمنوا، لم يكن في الكلام أصل وتبع، وأما قوله تعالى: وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ قال ابن كثير: «فقد توهّم بعض الناس أن هذه الجملة في موضع الحال من قوله وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ. أي: في حال ركوعهم، ولو كان هذا كذلك، لكان دفع الزكاة في حال الركوع أفضل من غيره؛ لأنه ممدوح، وليس الأمر كذلك عند أحد من العلماء ممن نعلمه من أئمة الفتوى، وحتى إن بعضهم ذكر في هذا أثرا عن علي بن أبي طالب، أن هذه الآية نزلت فيه، وذلك أنه مرّ به سائل في حال ركوعه فأعطاه خاتمه». وبعد أن ذكر ابن كثير هذه الروايات، قال: وليس يصحّ شئ منها بالكليّة، لضعف أسانيدها، وجهالة رجالها، ثم نقل عن ابن عباس قوله:

نزلت في المؤمنين، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أولهم

وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ. أي: فإنهم هم الغالبون. دلّت الآية على أن الذين يتولون الله ورسوله والمؤمنين هم حزب لله، وأن الله ناصرهم، وأصل الحزب القوم يجتمعون لأمر حزبهم أي أصابهم.

[فوائد]

١ - [الأمر بموالاة من توفرت فيهم صفات حزب الله]

جاءت هذه الآيات الثلاث المبدوءة ب يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* بين مجموعتين من الآيات كل منهما مبدوءة ب يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* وكل منهما تنهى عن موالاة الكافرين: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ فكأنها وهي بين مجموعتين تنهيان عن موالاة الكافرين تقول:

كونوا على هذه الصفات، ووالوا من توافرت به هذه الصفات، لا أولاء ولا أولئك، ولقد رأينا في أسباب النزول أنّ هذا المقطع كله مع أول آية من المقطع اللاحق كل ذلك

نزل في حادثة واحدة.

٢ - [توجيه هام إلى قراءة كتاب «جند الله ثقافة وأخلاقا» للمؤلف]

في كتابنا «جند الله ثقافة وأخلاقا» برهنّا في القسم الثاني منه أنّ الأخلاق الأساسية الجامعة في الإسلام هي هذه الأخلاق الواردة ما بين قوله تعالى: مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ ... إلى قوله .. هُمُ الْغالِبُونَ فليراجع الكتاب فإن فيه كثيرا من الخير، وقد قال ابن كثير في الآية: هذه صفات المؤمنين الكمّل.

<<  <  ج: ص:  >  >>