نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ أي جبريل وهذا مما لا نزاع فيه بين العلماء فجبريل هو الأمين على وحي الله، وسمي روحا لأنه ينزل بالوحي الذي هو حياة لقلب الإنسان
عَلى قَلْبِكَ أي على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك دليل على أن القلب هو مركز التلقي عن عالم الغيب، القلب الذي في الصدر وليس الدماغ كما توهم بعضهم، وهو قلب غيبي، بينه وبين القلب الصنوبري صلة وهو موضوع فصلناه في كتابنا (تربيتنا الروحية) لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ أي لتنذر به بأس الله ونقمته على من خالفه وكفر به، وتبشر به المؤمنين المتبعين
بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ أي فصيح وواضح وصحيح.
قال ابن كثير:(أي هذا القرآن الذي أنزلناه إليك، أنزلناه باللسان العربي الفصيح الكامل الشامل؛ ليكون بينا واضحا ظاهرا، قاطعا للعذر، مقيما للحجة دليلا إلى المحجة).
[كلمة في السياق]
لاحظنا أن محور السورة هو قوله تعالى في سورة البقرة: تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ولاحظنا أن كل مجموعة من المجموعات الثمانية السابقة على هذه المجموعة حدثتنا عن آية من آيات الله. ولكن الآيات الأربع السابقة تنصب على أن هذا القرآن من عند الله، أنزله الله ليكون محمد صلى الله عليه وسلم من المنذرين، وإذن فهي تفصيل مباشر للآية تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وخاصة في شقها الأخير وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ فلنلاحظ ذلك ولنتدبر الخاتمة على ضوء ذلك.
...
وَإِنَّهُ أي القرآن لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ أي لموجود ذكره، أو لموجودة معانيه في كتب الأولين المأثورة عن أنبيائهم، والتي أنزلها الله نصا كالكتب السماوية، أو أوحى معانيها وسجلت لا ككتب سماوية، ولكن كوحي عن الله. هذا شئ ظاهر وواضح، فإنك عند ما تقرأ كتب العهد القديم والجديد- على تحريفها- تجد القرآن قد استوعبها، وأن كثيرا من معاني القرآن موجود فيها، مما يدل على وحدة الوحي، وأن هذا القرآن من نفس المصدر، وفي كتابنا (الرسول صلى الله عليه وسلم) ذكرنا مجموعة البشارات الواردة بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن في الكتب الدينية فليراجع.
أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أي للخلق عامة، لأنهم جميعا مكلفون بالإيمان بهذا القرآن آيَةً أي علامة واضحة، ومعجزة كاملة، تدل على أنه منزل من عند الله أَنْ يَعْلَمَهُ أي أن يعلم