لقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمينا والمجتمع جاهلي، وكان يعبد الله والمجتمع جاهلي، وكان مطهرا من مواقعة عادات الجاهلية على غلبتها، وهذا لم يكن تكليفا، أفبعد أن منّ الله علينا بالتكليف والبيان، يصل بعض الناس إلى تعطيل أحكام الله بسبب فهم خاطئ لكلام رجل، كلامه في الأصل يحتمل الخطأ والصواب.
إنّه لمن أصعب أنواع الجهل ألّا يعرف إنسان أن يضع الكلمة التي يسمعها أو يقرؤها في محلها
ودعونا نتأمّل الآيات التي كتب فيها الشهيد رحمه الله ما كتب: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ
لقد وجد عيسى في مجتمع جاهلي كان على رأسه الرومان الوثنيون ولم يكن اليهود في ظل دولة مسلمة ومع ذلك لعنهم عيسى، السبب عصيانهم واعتداؤهم دون تحديد لهذا العصيان وهذا الاعتداء في الآية، ثم وصفهم الله عزّ وجل بقوله كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لاحظ تنكير كلمة (المنكر) الآتية في سياق نفي مما يعمّ كل منكر، ثم جاءت بعد ذلك آية تقول لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ دون تحديد لنوع الكلام الآثم ولا الحرام المأكول، أليس وضع أبناء المسلمين اليوم يشبه وضع المجتمع الذي وجد فيه عيسى عليه السلام، فهل إذا سكت علماؤنا وعبّادنا عن الكلمة الآثمة والكسب الحرام والاعتداء والعصيان والمنكر لا يكونون قد وقعوا فيما وقع فيه علماء بني إسرائيل. وهل الآيات فرّقت بين أصول وفروع؟
نرجوا أن نكون بهذا البيان قد وضعنا الأمور في مواضعها بالنسبة لهذا الموضوع الخطير.
نقول:[عن صاحب الظلال حول آية لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً ... ]
بمناسبة قوله تعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ يقول صاحب الظلال: إن الذي ألّب الأحزاب على الدولة المسلمة الناشئة في المدينة؛ وجمع بين اليهود .. من بني قريظة وغيرهم، وبين قريش في مكة، وبين القبائل الأخرى في