وروى عبد الرزاق عن علي رضي الله عنه الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ قال: خليلان مؤمنان، وخليلان كافران فتوفي أحد المؤمنين وبشر بالجنة فذكر خليله فقال: اللهم إن فلانا خليلي كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر، وينبئني أني ملاقيك، اللهم فلا تضله بعدي حتى تريه مثل ما أريتني. وترضى عنه كما رضيت عني، فيقال له: اذهب، فلو تعلم ما له عندي لضحكت كثيرا وبكيت قليلا. قال: ثم يموت الآخر فتجتمع أرواحهما فيقال: ليثن أحدكما على صاحبه، فيقول كل واحد منهما لصاحبه: نعم الأخ، ونعم الصاحب، ونعم الخليل. وإذا مات أحد الكافرين وبشر بالنار ذكر خليله فيقول: اللهم إن خليلي فلانا كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك. ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ويخبرني أني غير ملاقيك؛ اللهم فلا تهده بعدي حتى تريه مثل ما أريتني وتسخط عليه كما سخطت عليّ، قال: فيموت الكافر الآخر فيجمع بين أرواحهما. فيقال: ليثن كل واحد منكما على صاحبه فيقول كل واحد منهما لصاحبه: بئس الأخ، وبئس الصاحب، وبئس الخليل. رواه ابن أبي حاتم. وقال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة: صارت كل خلة عداوة يوم القيامة إلا المتقين. وروى الحافظ ابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لو أن رجلين تحابا في الله أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب لجمع الله تعالى بينهما يوم القيامة يقول هذا الذي أحببته فيّ»).
أقول: فليحاسب كل منا نفسه أن تكون له مودة وصداقة وصحبة لغير المتقين فضلا عن أن يكون عنده لغيرهم ولاء وطاعة. ولنحرص على الإخاء في الله فإنّه من أعظم القربات إلى الله. ولنحذر أن نضيع إخاء كسبناه؛ فذلك العجز الكبير، إن عقد الإخاء في الإسلام أبدي فلا تفرط فيه، يقول الإمام علي رضي الله عنه:(أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيّع من كسب منهم).
٤ - [كلام ابن كثير حول آية يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ .. ]
بمناسبة قوله تعالى: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ قال ابن كثير: (روى عبد الرزاق ... عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة