للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والولد، وأنه الواحد القهار، يحدثنا الآن عن مظاهر من خلقه تدل على وحدانيته، وعلى استحقاقه عزّ وجل العبادة وحده، وتدلّ على تنزهه عن الشريك والولد.

خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وخلقه السموات والأرض بالحق دليل على أنه أنزل كتابه بالحق، ودليل على أنّه سيكلّف ويحاسب يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ قال النسفي: (والتكوير: اللف واللّي، يقال كار العمامة على رأسه وكوّرها) وفي ذلك إشارة واضحة إلى كروية الأرض؛ إذ التكوير لا يكون إلا للشئ الدائري. وقال ابن كثير في الآية: (أي: سخّرهما يجريان متعاقبين لا يفتران، كل منهما يطلب الآخر طلبا حثيثا) وقد أثبتنا في سورة الأعراف وغيرها أنّ القرآن أشار إلى دوران الأرض، ونقول هاهنا: إن ذكر تكوير الليل على النهار، وتكوير النهار على الليل، فيه إشارة إلى الكروية والدوران، والله أعلم وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أي: إلى مدة معلومة عند الله، تنتهي بيوم القيامة أَلا هُوَ الْعَزِيزُ أي: الغالب القادر الْغَفَّارُ أي: مع عزته وعظمته وكبريائه هو غفار لمن عصاه ثم تاب وأناب إليه

خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ قال ابن كثير: (أي: خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم، وألسنتكم وألوانكم، من نفس واحدة، وهو آدم عليه الصلاة والسلام) ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وهي حواء عليها السلام وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ قال ابن كثير: (وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية أزواج، وهي المذكورة في سورة الأنعام ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ (من الآية: ١٤٣) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ (من الآية: ١٤٤) وفي استعماله سبحانه كلمة أنزل كلام سنراه في الفوائد يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم ....

فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ قال النسفي: (ظلمة البطن والرحم والمشيمة) وهو قول ابن كثير. وذكر أنه قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة .... ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ أي:

الذي فعل هذا كله هو الله ربنا لَهُ الْمُلْكُ لأنّه الخالق، دلّ على أنّ من فعل هذا هو وحده المستحقّ للربوبية، والمالك الحقيقي، وبالتالي فهو وحده المستحقّ لعبوديّتنا، ومن ثمّ ختم الآية بقوله تعالى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ عن عبادته سبحانه إلى عبادة غيره؟ فأين يذهب بعقولكم؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>