عبد الله: والله يا رسول الله لا يدخلها حتى تأذن له، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
أما إذ أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجز الآن، وروى أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي في مسنده قال: قال عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول لأبيه: والله لا تدخل المدينة أبدا حتى تقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعز وأنا الأذل، قال: وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله إنه قد بلغني أنك تريد أن تقتل أبي فو الذي بعثك بالحق ما تأملت وجهه قط هيبة له، ولئن شئت أن آتيك برأسه لأتيتك، فإني أكره أن أرى قاتل أبي).
[كلمة في سورة المنافقون ومحورها]
تحدثت مقدمة سورة البقرة عن المتقين والكافرين والمنافقين، وقد فصلت سورتا الصف والجمعة في مواضيع تتعلق بصفات المتقين والكافرين، ورأينا في سورة الصف ما ينبغي أن ينبثق عن الإيمان، ورأينا في سورة الجمعة الأصل الذي ينبثق عنه كل شئ، وهو بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما رأينا في سورة الجمعة شيئا له علاقة بالصلاة، وفي سورة الصف ذكر الجهاد بالمال، وله صلة بالإنفاق، وهذا كله له علاقة بصفات المتقين. وذكرت في السورتين قضايا مرتبطة بموضوع الكفر الذي لا يهدي الله أهله فذكر في سورة الصف قوله تعالى: فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ وذكر فيها وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وذكر في سورة الجمعة قوله تعالى: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وفي ذلك كله تفصيل لسبب الختم الذي يختم به الله على قلوب الكافرين فلا يقبلون موعظة، وفي ذلك تفصيل لما ورد في مقدمة سورة البقرة من كلام عن الكافرين، ويأتي بعد ذلك في مقدمة سورة البقرة الكلام عن المنافقين، والملاحظ أن سورة المنافقون تفصيل لبعض ما ورد عن المنافقين في سورة البقرة فمثلا: في مقدمة سورة البقرة نجد قوله تعالى عن المنافقين: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ ونجد في الفقرة الأولى من سورة المنافقون قوله تعالى: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ.
وفي مقدمة سورة البقرة نجد قوله تعالى عن المنافقين: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ والآية الأولى من سورة المنافقون تقول: