ابن كثير:(أي: إن كنتم كذلك فلا تتخذوهم أولياء إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي باغين لمرضاتي عنكم، فلا توالوا أعدائي وأعداءكم، وقد أخرجوكم من دياركم وأموالكم حنقا عليكم وسخطا لدينكم) تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ قال ابن كثير: أي: تفعلون ذلك وأنا العالم بالسرائر والضمائر والظواهر. قال النسفي:(أي: تفضون إليهم بمودتكم سرا، أو تسرون إليهم أسرار رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب المودة) وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم والمعنى: أي طائل لكم في إسراركم وقد علمتم أن الإخفاء والإعلان سيان في علمي وأنا مطلع رسولي على ما تسرون وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ أي: ومن يفعل منكم هذا الإسرار فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ أي: فقد أخطأ طريق الحق والصواب
قال ابن كثير:(أي: لو قدروا عليكم لما اتقوا فيكم من أذى ينالونكم به بالمقال والفعال) وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ أي: وتمنوا لو ترتدون عن دينكم وما دام الأمر كذلك فموادة أمثالهم خطأ عظيم. قال ابن كثير:(أي: ويحرصون على ألا تنالوا خيرا، فهم عداوتهم لكم كامنة وظاهرة، فكيف توالون مثل هؤلاء؟) وهذا تهييج على عداوتهم أيضا. وقال النسفي شارحا الآية:(يعني أنهم يريدون أن يلحقوا بكم مضار الدنيا والدين، من قتل الأنفس، وتمزيق الأعراض، وردكم كفارا أسبق المضار عندهم وأولها لعلمهم أن الدين أعز عليكم من أرواحكم، لأنكم بذالون لها دونه، والعدو أهم شئ عنده أن يقصد أهم شئ عند صاحبه).
لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ أي: قراباتكم وَلا أَوْلادُكُمْ الذين توالون الكفار من أجلهم، وتتقربون إليهم محاماة عليهم ثم قال: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ أي: وبين أقاربكم وأولادكم، فما لكم ترفضون حق الله مراعاة لحق من يفر منه غدا وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم على أعمالكم. قال ابن كثير:(أي: قراباتكم لا تنفعكم عند الله إذا أراد بكم سوءا، ونفعهم لا يصل إليكم، إذا أرضيتموهم بما يسخط الله، ومن وافق أهله على الكفر ليرضيهم فقد خاب وخسر وضل عمله، ولا ينفعه عند الله قرابته من أحد، ولو كان قريبا إلى نبي من الأنبياء).
ثم قال تعالى لعباده المؤمنين الذين أمرهم بمصارمة الكافرين وعداوتهم ومجانبتهم والتبري منهم قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ أي: وأتباعه الذين آمنوا معه، أي: قد كانت لكم قدوة حسنة في