للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حماقات الناس وجهالاتهم وهي تضيق الصدور .. وصبر وصبر وصبر .. كله ابتغاء وجه ربهم لا تحرجا من أن يقول الناس: جزعوا، ولا تجملا ليقول الناس: صبروا. ولا رجاء في نفع من وراء الصبر. ولا دفعا لضر يأتي به الجزع. ولا لهدف واحد غير ابتغاء وجه الله والصبر على نعمته وبلواه. صبر التسليم لقضائه والاستسلام لمشيئته والرضى والاقتناع .. ) الصفة السادسة: وَأَقامُوا الصَّلاةَ أي داوموا على إقامتها بحدودها ومواقيتها وركوعها وسجودها وخشوعها على الوجه الشرعي المرضي. الصفة

السابعة:

وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ أي على الذين يجب عليهم الإنفاق لهم من زوجات وقرابات وأجانب، من فقراء ومحاويج ومساكين سِرًّا وَعَلانِيَةً أي في السر والجهر لم يمنعهم من ذلك حال من الأحوال آناء الليل وأطراف النهار. وصدقة السر في النفل أفضل، وصدقة الجهر في الفرض أفضل نفيا للتهمة. الصفة الثامنة: وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أي يدفعون القبيح بالحسن، فإذا آذاهم أحد قابلوه بالجميل صبرا واحتمالا وصفحا وعفوا، يدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سيئ غيرهم، وإذا حرموا أعطوا، وإذا ظلموا عفوا، وإذا قطعوا وصلوا، وإذا أذنبوا تابوا، وإذا هربوا أنابوا، وإذا رأوا منكرا أمروا بتغييره، قال صاحب الظلال: (والمقصود أنهم يقابلون السيئة بالحسنة في المعاملات اليومية لا في دين الله، ولكن التعبير يتجاوز المقدمة إلى النتيجة.

فمقابلة السيئة بالحسنة تكسر شرة النفوس، وتوجهها إلى الخير وتطفئ جذوة الشر وترد نزغ الشيطان، ومن ثم تدرأ السيئة وتدفعها في النهاية. فعجل النص بهذه النهاية وصدر بها الآية ترغيبا في مقابلة السيئة بالحسنة وطلبا لنتيجتها المرتقبة .. ثم هي إشارة خفية إلى مقابلة السيئة بالحسنة عند ما يكون في هذا درء السيئة ودفعها لا إطماعها واستعلاؤها فأما. حين تحتاج السيئة إلى القمع ويحتاج الشر إلى الدفع فلا مكان لمقابلتها بالحسنة لئلا ينتفش الشر ويتجرأ ويستعلي، ودرء السيئة بالحسنة يكون غالبا في المعاملة الشخصية بين المتماثلين فأما في دين الله فلا .. إن المستعلي الغاشم لا يجدي معه إلا الدفع الصارم، والمفسدين في الأرض لا يجدي معهم إلا الأخذ الحاسم، والتوجيهات القرآنية متروكة لتدبر المواقف واستثارة الألباب والتصرف بما يرجح أنه الخير والصواب) وبعد فهذه مجموعة صفات ذكرها الله عزّ وجل، فمن استجمع هذا الصفات والخصائص فهو الجدير بالحق، البصير به، المهتدي بهداية الله، المستحق لما أعده الله لأهل الحق أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ أي عاقبة الدنيا وهي الجنة؛ لأنها التي أرادها الله أن تكون عاقبة الدنيا ومرجع أهلها

جَنَّاتُ عَدْنٍ أي جنات إقامة يخلدون فيها يَدْخُلُونَها

<<  <  ج: ص:  >  >>