للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوامر والنواهي، التي تظهر فيها عين الحكمة، وكلها أثر عن التوحيد، يذكر الله عزّ وجل موقفا من مواقف أهل الشرك كله سفه، وكله خطأ، وكله فظاعة وشناعة؛ ليظهر الفارق الكبير بين دين الله وبين ما ابتدعه الناس، وبضدها تتميز الأشياء. وهذا الموقف هو اتخاذ المشركين الملائكة آلهة بعد تسميتهم إناثا، وجعلهم بنات الله،

فأخطئوا ثلاث مرات، كل مرة فيها من الشناعة أبشعها

أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ أي أخصكم بالذكور وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً أي واختار لنفسه- على زعمكم- البنات. ثم شدّد الإنكار عليهم فقال: إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً أي في زعمكم أن لله ولدا، ثم جعلكم ولده الإناث التي تأنفون أن يكنّ لكم، وربما قتلتموهن بالوأد. والمعنى الدقيق:

أفخصّكم ربكم على وجه الخصوص والصفاء بأفضل الأولاد- وهم البنون- واتخذ أدونهم في مفاهيمكم وهي البنات؟. إن هذا خلاف ما عليه عقولكم. فالعبيد لا يؤثرون بأجود الأشياء وأصفاها، ويكون أردؤها وأدونها للسادات، إن كلامكم هذا كلام فظيع حيث أضفتم إلى الله الأولاد، وهي من خواص الأجسام ثم فضلتم عليه أنفسكم حيث تجعلون له ما تكرهون، ثم تعبدونها وتشركون، وبهذا انتهت المجموعة الثالثة: وانتهى بذلك المقطع الأول من سورة الإسراء

كلمة في السياق: [حول تفصيل المجموعة في حيز المحور وعرض لمعانيها]

رأينا أن سورة الإسراء تفصّل في حيّز قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. وتفصّل من حيز هذه الآية قوله تعالى: سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.

وعلى هذا فمعانيها تدور حول جوانب من الإسلام، أو نوع من خطوات الشيطان، أو أخذ عبرة من بني إسرائيل، أو عرض لعقوبات الله التي ينزلها بمن كفر نعمه، وهذا المقطع الذي مرّ معنا تحدث عما أنزل الله على موسى عليه السلام، وموقف بني إسرائيل من هذا الوحي، وما عاقبهم الله به، ثم حدثنا الله عزّ وجل عن القرآن الكريم، وبعض سنن الله في الأخذ والعقاب والمنع والعطاء في الدنيا والآخرة. ثم تأتي المجموعة الأخيرة آمرة ناهية، ومجيئها في هذا السياق يدلنا على أن طريق الشكر هو هذا، أو على أن هذا جزء من الإسلام ينبغي الالتزام به، وختم المقطع بذكر خطوة من خطوات الشيطان فظيعة هي جعل الملائكة بنات الله فالمقطع فصّل في جزاء من يترك الدخول في الإسلام في الدنيا

<<  <  ج: ص:  >  >>