للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ينتظم الكافرين والمنافقين، فالسياق يتوجه لخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، آمرا إياه بمجاهدة الذين يرفضون وقاية أنفسهم وأهليهم من النار، والذين يرفضون التوبة، فلنر النداء الثالث الذي تختم به المجموعة الثانية من الفقرة الأولى من سورة التحريم.

[النداء الثالث]

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ قال النسفي: بالسيف وَالْمُنافِقِينَ قال النسفي: بالقول الغليظ والوعد البليغ، وقيل بإقامة الحدود عليهم، وقال ابن كثير:

يقول تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار والمنافقين، هؤلاء بالسلاح والقتال، وهؤلاء بإقامة الحدود عليهم وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ أي: في الدنيا فيما تجاهدهما به من القتال، والمحاجة باللسان وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ أي: في الآخرة وَبِئْسَ الْمَصِيرُ أي: المآل جهنم.

[كلمة في السياق]

١ - اعتدنا كثيرا أن نرى بداية مقطع تشبه نهايته، وهاهنا نرى أن الفقرة الأولى من سورة التحريم بدأت بقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ وانتهت بقوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ بدأت المجموعة بعتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريمه ما أحل الله، وانتهت بأمره بمجاهدة الكفار والمنافقين، مبينة في الوسط أخلاق المؤمنين: أنهم يتوبون إذا أذنبوا، وأنهم يقون أنفسهم وأهليهم نارا، وفي الفقرة ورد قوله تعالى: وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ وصلة ذلك بالأمر بالجهاد واضحة. ففي حادثة جزئية يذكر الله عزّ وجل أنه ينصر رسوله، فكيف في الصراع الكبير بين الإيمان وبين الكفر والنفاق.

٢ - سياق السورة الرئيسي ينصب على معاتبة زوجتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل أن المجموعة الأخيرة تضرب مثلين لامرأتين مسلمتين وامرأتين كافرتين، وذكر زوجتين كافرتين في المثل- في الوقت الذي تظاهرت فيه زوجتان على رسول الله صلى الله عليه وسلم- دليل على أن السياق الرئيسي ينصب على تأديب زوجتي رسول الله صلى الله عليه وسلم تارة من خلال الخطاب المباشر، وتارة من خلال الخطاب العام، ومن كل ذلك يأخذ المسلمون رجالا

<<  <  ج: ص:  >  >>