للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي في الوقت ذاته منهج في البحث عن الحقيقة. منهج بسيط يعتمد على التجرد من الرواسب والغواشي والمؤثرات. وعلى مراقبة الله وتقواه.

وهي «واحدة» .. إن تحققت صح المنهج واستقام الطريق. القيام لله ..

لا لغرض ولا لهوى ولا لمصلحة ولا لنتيجة .. التجرد .. الخلوص .. ثم التفكر والتدبر بلا مؤثر خارج عن الواقع الذي يواجهه القائمون لله المتجردون.

أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ. مَثْنى وَفُرادى .. مثنى ليراجع أحدهما الآخر، ويأخذ معه ويعطي في غير تأثر بعقلية الجماهير التي تتبع الانفعال الطارئ، ولا تتلبث لتتبع الحجة في هدوء .. وفرادى مع النفس وجها لوجه في تمحيص هادئ عميق.

ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا. ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ .. فما عرفتم عنه إلا العقل والتدبر والرزانة. وما يقول شيئا يدعو إلى التظنن بعقله ورشده .. إن هو إلا القول المحكم القوي المبين.

إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ .. ).

كلمة في السياق: [حول صلة المقطع الثاني بالمقطع الثالث، وقضية الأجرة على الدعوة إلى الله]

رأينا في المقطع الثاني قوله تعالى: أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ في معرض الرد على من قالوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ورأينا في المقطع الثالث قولهم ما هذا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ ... وهذا يفيد أنّ إنكار الآخرة، وإنكار القرآن، مرتبطان بموضوع الثقة بشخص رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فمن وثق آمن، ومن لم يثق كفر؛ ومن ثمّ جاءت هذه الآية آمرة بالتفكر الفردي، أو الثنائي في دعوة الرسول صلّى الله عليه وسلم، وفي شخصه، فإن الإنسان المنصف لا بد واصل- من خلال التفكّر- إلى الإيمان، ولما كان موضوع الأجر- أيّا كان نوعه- قد يشكّل عقبة في موضوع الاستجابة إلى الله، جاء الأمر الثاني في المجموعة مذكّرا بأن محمدا صلّى الله عليه وسلم لا يطلب أي نوع من أنواع الأجر على دعوته من الخلق.

...

قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ أي ما سألتكم من أجر على إنذاري

<<  <  ج: ص:  >  >>