للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ينبغي له أن يكفر أو يبخل، وإذ استقرت الحجة عليه، خوطب بقوله تعالى:

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى أي: تتشكك، قال النسفي في الآية: (فبأي آلاء ربك أيها المخاطب تتشكك بما أولاك من النعم، أو بما كفاك من النقم، أو بأي نعم ربك الدالة على وحدانيته وربوبيته تتشكك) فلا تؤمن ولا تنفق، وعلى هذا فالمجموعة بدأت بالحديث عن الإنسان المعرض البخيل، وأقامت عليه الحجة بجهله، وبما هو موجود في رسالات الله، ثم أنكرت عليه تشككه بنعم الله التي تقتضي إيمانا وعطاء بينما هو يكفر ويمنع.

٢ - رأينا أن محور السورة هو الآيات الأولى من مقدمة سورة البقرة، والتي فيها: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ونلاحظ هنا: أنه قد جاء قوله تعالى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى أي: تتشكك، ثم جاء بعدها مباشرة هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى وسنرى أن الإشارة في (هذا) إما إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو إلى القرآن، وكل ذلك يخدم قضية الإيمان واليقين، وصلة ذلك بمحور السورة الداعي إلى الاهتداء بالقرآن، والإيمان بالغيب، والإيمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم لا تخفى، ولنعد إلى التفسير:

...

فبعد أن قامت الحجة على هذا المعرض يأتي قوله تعالى: هذا أي: الرسول أو القرآن نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى أي: من جنسها

أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي:

اقتربت القريبة وهي القيامة

لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ أي: ليس لها من دون الله نفس كاشفة، أي: قادرة على كشفها إذا وقعت إلا الله تعالى، غير أنه لا يكشفها، أو ليس لها نفس مبينة حتى تقوم

أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ أي: القرآن تَعْجَبُونَ منكرين في زعمكم أن يكون صحيحا، وهذا إنكار على المشركين في استماعهم القرآن، وإعراضهم عنه وتلهيهم

وَتَضْحَكُونَ أي: منه استهزاء وسخرية وَلا تَبْكُونَ خشوعا كما يفعل الموقنون

وَأَنْتُمْ سامِدُونَ أي:

مغنون، أو غافلون، أو لاهون لاعبون، أو معرضون، ثم قال تعالى آمرا عباده بالسجود له والعبادة

فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا قال ابن كثير: أي: فاخضعوا له، وأخلصوا، ووحدوه ....

...

<<  <  ج: ص:  >  >>