للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أي: تجمعون إليه حين تبعثون من قبوركم، فاعلموا هذا خاصة وقد رأيتم نموذجا من الحشر الدنيوي الاختياري في موافقكم بعرفات وغيرها مما يذكركم بالحشر الأخروي الإجباري.

[فوائد ومسائل وآثار]

١ - .. مر معنا في هذا القسم قوله تعالى وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وقوله تعالى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وفي كل من الأمرين نلحظ إرادة وجه الله عزّ وجل، والعمل له بما شرع، وهذا مفرق الطريق بين الإسلام وغيره، فلم يزل الناس ولا يزالون يقاتلون ويحجون، ولكن أن يكون القتال لله وفي سبيله، وأن يكون الحج لله وفي شريعة الحق، فذلك هو ميزة المسلم فكل أعماله لله وبأمره وضمن شريعته وفي ذلك كمال الإنسان.

٢ - في مقطع إبراهيم عليه السلام رأينا الحكمة في بناء الكعبة: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ فهذا البيت بني للطواف والعكوف، والركوع والسجود، وجاء بعد مقطع إبراهيم عليه السلام مقطع القبلة لنرى أول مظهر من مظاهر القيام بحقوق البيت، وفي هذا القسم يأتي الأمر بالحج والعمرة ليستكمل المسلم إقامة أمر الله في شأن البيت، ونلاحظ أنه قد جاء الأمر بالحج والعمرة متأخرا كثيرا عن مقطع إبراهيم، وذلك ليأتي بعد كل المقدمات اللازمة له، ففي الحج تعظيم البيت، وفيه رمي الجمار، حيث وسوس إبليس، والحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، فمحله بعد الصوم، وحتى لا تغلب قدسية الحج واجب القتال في الحرم إذا اقتضى الأمر جاء الأمر بالحج مسبوقا بمقطع إبراهيم، ومقطع القبلة، ومقطع الصفا والمروة، ومقطع النهي عن متابعة خطوات الشيطان، وسبق في مقطعه بموضوع الصوم وحكمة وجود الأهلة، وموضوع القتال والإنفاق.

٣ - ومن خلال الحج ندرك مظهرا من مظاهر جعل الله إبراهيم إماما قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فالسعي بين الصفا والمروة إحياء لفعل أمنا هاجر سرية إبراهيم عليه السلام، ورمي الجمار إحياء لفعل إبراهيم إذ رجم إبليس عند ما وسوس أثناء إقامة إبراهيم أمر الله في شأن الذبح. والطواف بالبيت فيه تحقيق الحكمة من بناء البيت.

٤ - واضح أن المقصد الأعظم في الحج هو الطواف بالبيت، وإنما بين رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>