المنزلة الرفيعة فيلقى من هو دونه- وما فيهم دنئ- فيروعه ما يرى عليه من اللباس، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه، وذلك لأنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها، ثم ننصرف إلى منازلنا فيتلقانا أزواجنا فيقلن: مرحبا وأهلا بحبيبنا، لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه، فيقول: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار تبارك وتعالى، وبحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا به» وقد رواه الترمذي في صفة الجنة من جامعه وقال: هذا حديث غريب. وروى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه» قلنا: يا رسول الله كلنا نكره الموت قال صلّى الله عليه وسلم: «ليس ذلك كراهية الموت، ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله تعالى بما هو صائر إليه، فليس شئ أحب إليه من أن يكون قد لقي الله تعالى فأحب الله لقاءه- قال- وإن الفاجر- أو الكافر- إذا حضر جاءه بما هو صائر إليه من الشر أو ما يلقى من الشر، فكره لقاء الله فكره الله لقاءه» وهذا حديث صحيح وقد ورد في الصحيح من غير هذا الوجه.
١١ - [كلام ابن كثير حول فضل الأذان والمؤذنين بمناسبة الآية (٣٣)]
بمناسبة قوله تعالى. وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ نقل ابن كثير أحاديث كثيرة في فصل الأذان والمؤذنين على اعتبار أنه وجد من قال: إنّ الآية في المؤذنين، والصحيح أنها عامة في كل من دعا إلى خير، ويدخل في ذلك المؤذنون، ولدخولهم فيها نقل ابن كثير الأحاديث الكثيرة فيهم قال:
(وروى ابن أبي حاتم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال:«سهام المؤذنين عند الله تعالى يوم القيامة كسهام المجاهدين وهو بين الأذان والإقامة كالمتشحط في سبيل الله تعالى في دمه» قال: وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لو كنت مؤذنا ما باليت أن لا أحج أو أعتمر ولا أجاهد، قال: وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو كنت مؤذنا لكمل أمري، وما باليت أن لا أنتصب لقيام الليل، ولا لصيام النهار، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول:«اللهم اغفر للمؤذنين» ثلاثا، قال: فقلت: يا رسول الله، تركتنا ونحن نجتلد على الأذان بالسيوف، قال صلّى الله عليه وسلم:«كلا يا عمر إنه سيأتي على الناس زمان يتركون الأذان على ضعفائهم، وتلك لحوم حرمها الله عزّ وجل على النار، لحوم المؤذنين» قال: وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: ولهم هذه الآية وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ قالت: فهو المؤذن إذا قال: حي على الصلاة، فقد دعا إلى الله وهكذا قال ابن عمر رضي الله عنهما وعكرمة، إنها نزلت في المؤذنين، وقد ذكر البغوي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه