فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم. إذ نظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا.
قال: فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة». فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين. وروى البخاري في باب شهود الملائكة بدرا .. عن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه- وكان أبوه من أهل بدر- قال:
جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ فقال:«من أفضل المسلمين» أو كلمة نحوها، قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة).
[ولنعد إلى التفسير الحرفي]
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ النعاس: النوم. والأمنة: الأمن، يذكرهم الله تعالى بما أنعم عليهم من إلقائه عليهم أمانا، وأمنهم به من خوفهم الذي حصل لهم من كثرة عدوهم وقلة عددهم، فالنوم يزيح الرعب ويريح النفس إذا لم يؤد إلى غرة. وإذا قام المقاتل ليلة المعركة فإن ذلك أقوى له، وأنشط وأروح وأكثر إعانة على الجلاد في المعركة، إذ لم يكن تفريط من قبل الحرس والمراقبين، بحيث يؤخذ الجيش على غرة، روى أبو يعلى عن علي رضي الله عنه قال: ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تحت شجرة ويبكي حتى أصبح وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً أي مطرا لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ أي ليطهركم بالماء من الحدث والجنابة وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ أي وسوسته إليهم، وتخويفه إياهم من العطش، ويمكن أن يراد بالرجز الجنابة من الاحتلام لأنه من الشيطان وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ أي بالصبر وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ أي ويثبت بالماء الأقدام لأن الأقدام تسوخ في الرمل، أو يثبت بالربط الأقدام، لأن القلب إذا تمكن فيه الصبر يثبت القدم في مواطن القتال، قد كان هذا كله لمن دخل معركة بدر، وفي هذا تذكير للمسلمين الذين فرض الله عليهم القتال بما يمكن أن يفعله الله لهم إن قاتلوا فليقاتلوا في سبيله، وليتوكلوا عليه.
[فائدة]
روى ابن إسحاق عن عروة في وصف ما حدث قبيل معركة بدر. قال بعث الله السماء، وكان الوادي دهسا فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما لبد لهم الأرض، ولم يمنعهم من السير، وأصاب قريشا ما لم يقدروا على أن يرحلوا معه. وقال مجاهد: أنزل