الآيات، فقد سألها قوم صالح فكانت- يعني الناقة- ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم فعقروها وكانت تشرب ماءهم يوما، ويشربون لبنها يوما، فعقروها فأخذتهم صيحة أخمد الله من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله» فقالوا من هو يا رسول الله؟ قال:«أبو رغال فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه» وهذا الحديث على شرط مسلم. وقد روى عبد الرزاق عن معمر قال أخبرني إسماعيل بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبر أبي رغال فقال: أتدرون من هذا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:«هذا قبر أبي رغال من ثمود كان في حرم الله فمنعه حرم الله عذاب الله فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن هاهنا، ودفن معه غصن من ذهب فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم، فبحثوا عنه فاستخرجوا الغصن».
وقبر أبي رغال معروف مشهور عند العرب، والعرب تروي قصته بأشكال متعددة، فإما أن الرجل متعدد، أو بعض الروايات غير ثابتة، وإذا ورد عن رسولنا صلى الله عليه وسلم شئ، وثبت، لا نلتفت إلى غيره. ولنا كلام على ثمود، وبلادهم؛ سيأتي في محله.
[ولنعد إلى السياق]
فبعد أن قص الله عزّ وجل علينا قصة ثمود، يقص علينا بعدها قصة لوط، ولا يحدثنا عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، مع أن لوطا عليه الصلاة والسلام من المستجيبين لدعوة إبراهيم، وفي حكمة طي قصة إبراهيم هاهنا والحديث عن لوط عليه السلام في هذا السياق يقول صاحب الظلال:(وتمضي عجلة التاريخ فيظلنا عهد إبراهيم- عليه السلام- ولكن السياق لا يتعرض هنا لقصة إبراهيم؛ ذلك أن السياق يتحرى مصارع المكذبين متناسقا مع ما جاء في أول السورة وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها، فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ وهذا القصص إنما هو تفصيل لهذا الإجمال في إهلاك القرى التي كذبت بالنذير، وقوم إبراهيم لم يهلكوا لأن إبراهيم عليه السلام لم يطلب من ربه هلاكهم بل اعتزلهم وما يدعون من دون الله، إنما تجئ هنا قصة قوم لوط ابن أخي إبراهيم ومعاصره بما فيها من إنذار وتكذيب وإهلاك يتمشى مع ظلال السياق على طريقة القرآن).
وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ أي تفعلون السيئة المتمادية في القبح ما سَبَقَكُمْ بِها أي ما عملها قبلكم مِنْ أَحَدٍ أي أحدا أبدا مِنَ الْعالَمِينَ أنكر