العرب العاربة قبل إبراهيم الخليل عليه السلام، وكانت ثمود بعد عاد، ومساكنهم مشهورة فيما بين الحجاز والشام، إلى وادي القرى وما حوله) أقول: وعاثر المذكور في النسب يسميه سفر التكوين «جاثر» والمساكن التي ذكرها ابن كثير لا زالت موجودة وهي تثير دهشة الناظر للجهد الذي بذل فيها ولبقائها هذه الآلاف من السنين، وكأنها الآن منحوتة، والرحلة إليها سهلة وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يكون أدب المسلم. إذا رأى ديار الظالمين الهالكين أو مر بها.
فقد روى الإمام أحمد ... عن ابن عمر قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود، فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، فعجنوا منها ونصبوا لها القدور، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم فأهرقوا القدور، وعلفوا العجين الإبل. ثم أرتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا وقال: إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم». وروى الإمام أحمد أيضا ... عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهو بالحجر «ولا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم» وأصل هذا الحديث مخرج في الصحيحين .. وله أيضا .... عن أبي كبشة الأنماري عن أبيه قال: لما كان في غزوة تبوك تسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى في الناس:«الصلاة جامعة» قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعنزة وهو يقول:
«ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم» فناداه رجل منهم: نعجب منهم يا رسول الله قال: «أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك: رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وبما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا. وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا».
وأقول: إن بعض الناس يتشددون في المنع عن رؤية أثار هؤلاء الأقوام والذى يبدو لي- والله أعلم- أن رسولنا عليه الصلاة والسلام منع من النظرة التي لا يرافقها اعتبار كيف وإن معرفة هذه الآثار والكلام عنها- خاصة في عصرنا- فيه معنى التصديق لكتاب الله أمام المشككين الذين لم يتركوا شيئا إلا شككوا فيه.
٣ - ويعلمنا عليه الصلاة والسلام بمناسبة قصة ثمود ألا نسأل الله آية، فقد روى الإمام أحمد عن جابر قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: «لا تسألوا الله