وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ أي وإنّه كان مشركو قريش ليقولون قبل مبعثه عليه الصلاة والسلام
لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ أي كتابا من كتب الأولين الذين نزل عليهم التوراة والإنجيل
لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أي لأخلصنا العبادة لله ولما كذّبنا كما كذّبوا، ولما خالفنا كما خالفوا قال ابن كثير:(أي قد كانوا يتمنّون قبل أن تأتيهم يا محمد لو كان عندهم من يذكّرهم بأمر الله، وما كان من أمر القرون الأولى، ويأتيهم بكتاب الله) قال النسفي: فجاءهم الذكر الذي هو سيّد الأذكار، والكتاب الذي هو معجز من بين الكتب
فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ مغبّة تكذيبهم وما يحل بهم من الانتقام.
..
[كلمة في السياق]
بعد أن بيّن الله عزّ وجل مواقف الكافرين المخلّة بالتوحيد، وردّها، ذكّر في الأربع الآيات السابقة بكتابه الذي يجب أن يؤمنوا به، وذكّر هؤلاء الكافرين بأنهم من قبل كانوا يتمنّون أن ينزل عليهم ذكر، وها هو قد نزل، وكان المفروض أن يؤمنوا ويصححوا تصوراتهم وأفكارهم، ويخلصوا لله العبادة والقول والاعتقاد، وإذا بهم قد كفروا بهذا القرآن، وبهذا تكون السورة قد أقامت الحجة على وجوب الإيمان بالله واليوم الآخر، والكتب والرسل والملائكة والقدر، وأعطتنا تصورا صحيحا عن أركان الإيمان كلها، وعن صلة كل ركن من الأركان بقضية التوحيد، وبيّنت لنا التصورات الخاطئة في أي قضية من هذه القضايا، وأن كل تصور خاطئ ينعكس خطؤه على موضوع التوحيد بالذات، فإذا استقرت هذه المعاني كلها تأتي الآن مجموعة هي خاتمة المقطع وخاتمة السورة، فيها التبشير والإنذار، وفيها التنزيه لله رب العالمين، وفيها إشارة إلى موضوع القدر.