للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ. كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ... ففي المقطع إذن فريضتان من فرائض الله على هذه الأمة. فبعد أن تحددت صفات المتقين التي من جملتها الإيمان، والصلاة، والإنفاق، والصبر، والوفاء بالعهود، والاهتداء بالقرآن. يأتي هذا المقطع ليبين فريضتين من فرائض الله، فهما إذن داخلتان في السياق الكبير في باب الاهتداء بكتاب الله.

٣ - قلنا إن القسم الأول من سورة البقرة وطأ لمعاني القسم الثاني. ولو أنك رجعت إلى ما بعد قصة آدم ومقدمة مقطع بني إسرائيل. لوجدت من جملة ما تجد في نهاية الفصل الأول قصة البقرة، وقتل النفس. وهاهنا تجد كلاما عن القصاص في الفقرة الأولى، ثم إنك تجد في بداية الفصل الثاني تأنيبا لبني إسرائيل على تحريفهم كتاب الله. وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وفي الفقرة الثانية فرض الوصية والتهديد لمن يبدل فيها:

فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ. والصلة بين المعنيين غير مباشرة ولكنها صلة.

[الفقرة الأولى]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ* وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.

[المعنى العام]

يقول تعالى: كتب عليكم العدل في القصاص أيها المؤمنون، حركم بحركم، وعبدكم بعبدكم، وأنثاكم. بأنثاكم، وفي شرع القصاص لكم- وهو قتل القاتل- حكمة عظيمة، وهي بقاء المهج وصونها. لأنه إذا علم القاتل أنه يقتل انكف عن صنيعه، فكان في ذلك حياة للنفوس. ولا يسقط القصاص في القتل العمد إلا في حالة العفو وقبول الدية. فإذا حدث العفو فلا يحل للقاتل أن يماطل في الدية. ولا يحل لأهل القتيل أن يثأروا.

<<  <  ج: ص:  >  >>