الآيات المذكورة بيّن الله عزّ وجل أنهم مع كل هذه الآيات إذا دعوا إلى التقوى لا يستجيبون ... فلنر الفقرة الخامسة في المجموعة.
[تفسير الفقرة الخامسة]
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ أي اتقوا ما تقدم من ذنوبكم وما تأخّر، أو اتقوا من مثل الوقائع التي ابتليت بها الأمم المكذّبة بأنبيائها وما خلفكم من أمر الساعة، أو اتقوا عذاب الله في الدنيا والآخرة لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أي لعلّ الله- باتقائكم ذلك- يرحمكم ويؤمّنكم من عذابه
وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ الدالّة على التوحيد، وصدق الرسل إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ أي لا يتأملونها ولا يقبلونها ولا ينتفعون بها. أي دأبهم الإعراض عن كل آية وموعظة، دلّت الآية على أنّهم قابلوا الدّعوة إلى التقوى بالإعراض
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أي للكافرين أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ أي تصدّقوا على الفقراء قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ يقولون: أيفقره الله ونطعمه نحن. قال ابن كثير:(أي هؤلاء الذين أمرتمونا بالإنفاق عليهم، لو شاء الله لأغناهم، ولأطعمهم من رزقه، فنحن نوافق مشيئة الله تعالى فيهم) إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي في أمركم لنا بذلك
من مجئ هذه الفقرة بعد الفقرات الثلاث المصدرة كل منها بقوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ نعلم أنّ رؤية الآيات المذكورة يقتضي تقوى، ويقتضي إنفاقا، ويقتضي إيمانا باليوم الآخر. ولكن الكافرين يرفضون التقوى مع التذكير بها، ويرفضون الإنفاق مع التذكير به، ويستبعدون في كل حال موضوع اليوم الآخر، عرفنا ذلك من مجئ الفقرة الأخيرة بعد الفقرات الثلاث. ومن السّياق نعرف أن رؤية آيات الله من قبل المؤمنين تجعلهم يأمرون غيرهم بالتقوى، والإنفاق، والإيمان باليوم الآخر. فرؤيتهم للآيات جعلتهم يؤمنون ويدعون غيرهم للإيمان. فالتذكير بالآيات يستتبع- عند المؤمنين- سلوكا، والكافرون لا يرفعون بشيء من ذلك رأسا، ولا يفقهون قولا، وها هو السياق فيما يأتي يذكّر هؤلاء وغيرهم بمشاهد من يوم القيامة ثم تختم المجموعة بالعودة إلى موضوع الرسول والإنذار. فلنعرض ما بقي من المجموعة.