للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ والقرآن ذكر إذ يقوم باطل الإنسان بالحجة القاطعة، ومع كون القرآن هذا كله، فإن الكافرين يستمعون إليه

وهم يلعبون لاهية قلوبهم .. ومن تأمل هذا لا يغيب عنه ارتباط الآيات بمحور السورة:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.

[فائدة]

ذكرنا أن لنا عودة على قوله تعالى: لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ لقد فسر ابن عباس الذكر فيها بأنه الشرف، وفسره آخرون بأنه الموعظة، وفسره آخرون بأنه الدين، وسواء فسر بالشرف أو بالموعظة أو بالدين فإنه رد على ما زعموه فيه أنه أضغاث أحلام وأكاذيب أو شعر، وعلى القول الأقوى وهو أن المراد به الشرف يكون خطابا للعرب، إذ يذكرهم الله بنعمته عليهم إذ شرفهم بهذا القرآن، بل التعبير يفيد أنه شرفهم الوحيد إذ تقديم (فيه) وهو جار ومجرور على المبتدأ يفيد الاختصاص، ولو أنك تأملت شيئا يشرف به العرب في هذا العالم لم تجد شيئا غير هذا القرآن؛ فما من شئ قدمه العرب للعالم إلا وهم فيه عالة على غيرهم، أو يشاركهم فيه غيرهم إلا هذا القرآن الذي أنزله الله عليهم، فإنه الشرف الذي لا ينازعهم فيه غيرهم، وعند ما يرفض العرب هذا القرآن يكونون قد رفضوا شرفهم، ويدللون بذلك على عدم عقلهم، ولكن الكافر لا تفيده حجة سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ولذلك تجد كفار عصرنا من العرب مصرين على ألا يبقى لهذا القرآن دور في الحياة، ونراهم مصرين على إنكاره والاستهزاء به، دأب كفار العرب الأولين، مع أن العرب المحدثين رأوا من آيات الله في هذه الأمة- ببركة هذا القرآن- ما لم يره الأولون، ومع ذلك يصرون على أن يكونوا بلا شرف، وأن يجردوا أمتهم من أسباب شرفها، وما ذلك بضار هذا القرآن شيئا قال تعالى: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ

وقد أعطى الله راية الإسلام أكثر من مرة لغير العرب، فهل يعقل العرب في عصرنا فيعودوا إلى استلام الراية من جديد. ولننتقل إلى المجموعة الثانية بعد المقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>