قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ أي بالعذاب الذي توعدون إذا لم تتوبوا؟ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ أي هلا تطلبون المغفرة من ربكم بأن تتوبوا وتؤمنوا قبل نزول العذاب بكم لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ بالإجابة. والمعنى: لم تدعون بحضور العذاب ولا تطلبون من الله رحمته
قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ أي قالوا تشاء منا بك وبمن معك من المؤمنين. أي ما رأينا على وجهك ووجوه من اتبعك خيرا، وذلك لأنهم لشقائهم كان لا يصيب أحدا منهم سوء إلا قال: هذا من قبل صالح وأصحابه. قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أي سببكم الذي- يجئ منه خيركم وشركم عند الله، وهو قدره وقسمته، أو عملكم مكتوب عند الله، فإنما نزل بكم ما نزل عقوبة لكم وفتنة. قال النسفي:(وأصله أن المسافر إذا مر بطائر فيزجره فإن مر سانحا تيامن، وإذا مر بارحا تشاءم فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر استعير لما كان سببهما من قدر الله وقسمته، أو من عمل العبد الذي هو السبب في الرحمة والنقمة).
والمعنى باختصار: أي الله يجازيكم على ذلك بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ أي تختبرون أو تعذبون بذنوبكم. قال ابن كثير: قال قتادة: تبتلون بالطاعة والمعصية. والظاهر أن المراد بقوله تُفْتَنُونَ أي تستدرجون فيما أنتم فيه من الضلال
وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ أي في مدينة ثمود وهي الحجر تِسْعَةُ رَهْطٍ أي تسعة نفر، والرهط جمع لا واحد له، ولذا جاز تمييز التسعة به، فكأنه قال تسعة أنفس، والرهط في الأصل من الثلاثة إلى العشرة يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ يعني أن شأنهم الإفساد البحت الذي لا يختلط بشيء من الصلاح. فإذا كان بعض المفسدين قد يبدر منه بعض الصلاح فهؤلاء لا صلاح عندهم. وعن الحسن في تفسيرها: أي يظلمون الناس ولا يمنعون الظالمين من الظلم. وعن ابن عطاء: يتبعون معايب الناس ولا يسترون عوراتهم. قال ابن كثير: وإنما غلب هؤلاء على أمر ثمود لأنهم كانوا كبراءهم ورؤساءهم. قال العوفي عن ابن عباس: هؤلاء هم الذين عقروا الناقة أي الذين صدر ذلك عن رأيهم ومشورتهم قبحهم الله ولعنهم، وقد فعل ذلك.
قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ أي تحالفوا وتعاهدوا وتبايعوا لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ أي لنقتلنه بياتا أي ليلا، هو وأهله أي ولده وتبعه ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ أي ثم لنقولن لولي دمه أي لعشيرته إذا طالبت بدمه ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ أي إهلاكهم أو مكان الإهلاك. أي لم نتعرض لأهله فكيف تعرضنا له؟ أو ما حضرنا موضع هلاكه فكيف نكون نحن الذين أهلكناه؟ وَإِنَّا لَصادِقُونَ أي فيما ذكرنا
وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بمكر الله، مكرهم ما