وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي أي بأني لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أي بين الإنذار
أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ أي: إني لكم ظاهر النذارة من عذاب الله إن أنتم عبدتم غير الله إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ أي مؤلم موجع في الدنيا والآخرة إن استمررتم على ما أنتم عليه، وقد وصف اليوم نفسه بأنه أليم لوقوع الألم فيه
فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ الملأ: هم الأشراف، لأنهم في موازين الناس يملئون القلوب هيبة، والمجالس أبهة، أو لأن الناس يعتبرونهم ملئوا بالأحلام والآراء الصائبة ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا أي لست بملك ولا ملك ولكنك بشر فكيف أوحي إليك من دوننا، ولست بذي فضل علينا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا أي أخساؤنا وأسافلنا بادِيَ الرَّأْيِ أي وقت حدوث أول رأيهم، أرادوا أن اتباعهم لك شئ عن لهم بديهة من غير روية ونظر، ولو تفكروا ما اتبعوك. قال النسفي:(وإنما استرذلوا المؤمنين لفقرهم وتأخرهم في الأسباب الدنيوية لأنهم (أي الكافرين) كانوا جهالا، ما كانوا يعلمون إلا ظاهرا من الحياة الدنيا، فكان الأشراف عندهم من له جاه ومال، كما ترى أكثر المتسمين بالإسلام يعتقدون ذلك، ويبنون عليه إكرامهم وإهانتهم، ولقد زل عنهم أن التقدم في الدنيا لا يقرب أحدا من الله. وإنما يبعده» أقول: هذا إذا لم يرافقه إيمان وإحسان. وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ أي ما رأينا لكم علينا فضيلة في خلق ولا خلق، ولا رزق ولا حال، لما دخلتم في دينكم هذا، ومن قبل ليس لكم فضيلة في مال ولا رأي بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ في دعوى الرسالة، أي نوحا في الدعوة، ومتبعيه في الإجابة، والتصديق يعنى تواطأتم على الدعوة والإجابة تسبيبا للرئاسة، وهكذا نجد أن ما قاله قوم نوح هو لسان حال الكافرين في كل عصر، أن يتهموا أهل الإيمان بالرذالة، وضحالة الرأي، وانعدام الميزات، والكذب في دعوى حمل الإسلام. وهكذا بآية واحدة جمع الله عزّ وجل كل ما قاله قوم