للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا رواه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط الشيخين. وقال السدي:

كان المشركون حين خرجوا من مكة إلى بدر أخذوا بأستار الكعبة، فاستنصروا الله وقالوا: اللهم انصر أعلى الجندين، وأكرم الفئتين، وخير القبيلتين. فقال الله: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ يقول: قد نصرت ما قلتم وهو محمد صلى الله عليه وسلم.

[ولنعد إلى التفسير الحرفي]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ في كل شئ ومن ذلك القتال وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ ولا تتولوا عنه أي ولا تعرضوا عن طاعته وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ أي وأنتم تسمعونه

وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا أي ادعوا السمع والطاعة وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ولا يطيعون في الحقيقة كالمنافقين والمعنى: أنكم أيها المؤمنون تصدقون بالقرآن والنبوة، فإذا توليتم عن طاعة الرسول- وخاصة في القتال الذي هو موضوع السورة أشبه سماعكم سماع من لا يؤمن

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ أي إن شر من يدب على وجه الأرض البهائم، وإن شر البهائم الذين هم صم عن الحق لا يعقلونه، خرس عن الحق لا ينطقون به، ولا يتكلمون فيه، ولا يدعون إليه، جعلهم من جنس البهائم

ثم جعلهم شرها لأنهم عاندوا بعد الفهم وكابروا بعد العقل وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ أي في هؤلاء الصم البكم خَيْراً أي صدقا ورغبة لَأَسْمَعَهُمْ أي لجعلهم سامعين حتى يسمعوا سماع المصدقين وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا أي ولو أسمعهم وصدقوا لارتدوا بعد ذلك ولم يستقيموا وَهُمْ مُعْرِضُونَ أي عن الإيمان.

[فائدة]

هذا هو التوجيه الثاني في هذا المقطع. وهو أمر بالطاعة المطلقة لله والرسول، وأمر بالسماع الدقيق لرسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن القتال وغيره في الظاهر والباطن. وبدون ذلك لا يكون نصره رباني. فالنصر الرباني مفتاحه، وشرطه وسببه الطاعة الكاملة لله والرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان هذا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم واضحا، وأما بعد وفاته عليه الصلاة السلام، فالطاعة لله ورسوله تكون بالتزام كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من قبل المسلمين أمراء وجند، ومن ثم طاعة الأمراء في الله، وبدون ذلك لا يقوم قتال ولا جهاد رباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>