أفهم سليمان ما يخاطب به الطيور في الهواء وما تنطق به الحيوانات على اختلاف أصنافها).
٢ - بمناسبة قوله تعالى على لسان سليمان عليه السلام: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ يذكر ابن كثير الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«كان داود عليه السلام فيه غيرة شديدة، فكان إذا خرج أغلقت الأبواب فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع» قال فخرج ذات يوم وأغلقت الأبواب، فأقبلت امرأة تطلع إلى الدار، فإذا رجل قائم وسط الدار، فقالت لمن في البيت: من أين يدخل هذا الرجل والدار مغلقة؟ والله لنفتضحن بداود فجاء داود عليه السلام فإذا الرجل قائم وسط الدار فقال له داود من أنت؟ فقال: الذي لا يهاب الملوك ولا يمتنع من الحجاب، فقال داود: أنت إذا والله ملك الموت مرحبا بأمر الله فتزمل داود مكانه حتى قبضت نفسه حتى فرغ من شأنه وطلعت عليه الشمس، فقال سليمان عليه السلام للطير أظلي داود، فظللت عليه الطير حتى أظلمت عليه الأرض فقال لها سليمان اقبضي جناحا جناحا قال أبو هريرة: يا رسول الله كيف فعلت الطير؟ فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده وغلبت عليه يومئذ المضرحية» قال أبو الفرج ابن الجوزي: المضرحية هي النسور الحمراء.
[ولنعد إلى التفسير]
وَحُشِرَ أي وجمع لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ قال ابن كثير: يعنى ركب فيهم في أبهة وعظمة كبيرة في الإنس وكانوا هم الذين يلونه، والجن وهم بعدهم في المنزلة، والطير ومنزلتها فوق رأسه، فإن كان حر أظلته منه بأجنحتها فَهُمْ يُوزَعُونَ قال ابن كثير: أي يكف أولهم على آخرهم لئلا يتقدم أحد عن منزلته التي هي مرتبة له. قال مجاهد: جعل على كل صنف وزعة يردون أولاها على أخراها لئلا يتقدموا في المسير كما يفعل الملوك اليوم. وقال النسفي في معني يوزعون:
(يحبس أولهم على آخرهم. أي يوقف سلاف العسكر حتى يلحقهم التوالي ليكونوا مجتمعين وذلك للكثرة العظيمة، والوزع: المنع، ومنه قول عثمان رضي الله تعالى عنه: