سمعت ثابتا قرأ سورة حم السجدة حتى بلغ إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ فوقف فقال: بلغنا أن العبد المؤمن حين يبعثه الله تعالى من قبره يتلقاه الملكان اللذان كانا معه في الدنيا فيقولان له: لا تخف ولا تحزن وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ قال: فيؤمّن الله تعالى خوفه، ويقرّ عينه، فما عظيمة يخشى الناس يوم القيامة إلا هي للمؤمن قرة عين لما هداه الله تبارك وتعالى، ولما كان يعمل له في الدنيا، وقال زيد بن أسلم: يبشرونه عند موته وفي قبره وحين يبعث. رواه ابن أبي حاتم، وهذا القول يجمع الأقوال كلها وهو حسن جدا وهو الواقع).
١٠ - [كلام ابن كثير عن نعيم أهل الجنة بمناسبة الآيتين (٣١، ٣٢)]
وبمناسبة قوله تعالى عن جزاء أهل الاستقامة: وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ* نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ قال ابن كثير: (وقد ذكر ابن أبي حاتم هاهنا حديث سوق الجنة عند قوله تعالى وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ* نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ فروى عن سعيد بن المسيب أنه لقي أبا هريرة رضي الله عنه فقال أبو هريرة رضي الله عنه: أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة، فقال سعيد: أوفيها سوق؟ فقال: نعم، أخبرني رسول صلّى الله عليه وسلم أن أهل الجنة إذا دخلوا فيها نزلوا بفضل أعمالهم فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيزورون الله عزّ وجل، ويبرز لهم عرشه، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة، ويوضع لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من ياقوت، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم- وما فيهم دنئ- على كثبان المسك والكافور، ما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا. قال أبو هريرة رضي الله عنه:
قلت: يا رسول الله وهل نرى ربنا؟ قال صلّى الله عليه وسلم:«نعم، هل تمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر؟» قلنا: لا؛ قال صلّى الله عليه وسلم: «فكذلك لا تتمارون في رؤية ربكم تعالى، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله محاضرة حتى إنه ليقول للرجل منهم يا فلان بن فلان أتذكر يوم عملت كذا وكذا يذكره ببعض غدراته في الدنيا- فيقول: أي رب أفلم تغفر لي؟ فيقول: بلى، فبسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه- قال:- فبينما هم على ذلك، غشيتهم سحابة من فوقهم، فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط- قال- ثم يقول ربنا عزّ وجل: قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة، وخذوا ما اشتهيتم، قال: فنأتي سوقا قد حفت به الملائكة، فيها ما لم تنظر العيون إلى مثله، ولم تسمع الآذان، ولم يخطر على القلوب، قال: فيحمل لنا ما اشتهينا ليس يباع فيه شئ، ولا يشترى، وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا. قال: فيقبل الرجل ذو