للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكون والحياة باسم الله عزّ وجل، ولا يرتبون على ذلك ما ينبغي أن يترتب، وأن هناك ناسا لا يشكرون نعمة الله عزّ وجل في التعليم والخلق والعطاء، ومن ثم قال تعالى:

إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ أي: أن رأى نفسه اسْتَغْنى بمال أو علم أو جاه، فبدلا من أن ينسب ذلك إلى الله لا ينسبه، وبدلا من أن يشكر الله عزّ وجل بالعبادة والتقوى يكفره. قال ابن كثير: (يخبر تعالى عن الإنسان أنه ذو فرح وأشر وبطر وطغيان، إذا رأى نفسه واستغنى وكثر ماله)

ثم تهدده وتوعده ووعظه فقال:

إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى أي: إلى الله المصير والمرجع وسيحاسبك على مالك من أين جمعته وفيم أنفقته؟. وقال النسفي: (هذا تهديد للإنسان من عاقبة الطغيان على طريقة الالتفات .. أي: إن رجوعك إلى ربك، فيجازيك على طغيانك).

ذكرت الآيات الثلاث طبيعة الإنسان الكافر، وأنذرته ووصفت هذه الطبيعة بالطغيان كلما رأى نفسه مستغنيا، ثم يعرض الله عزّ وجل علينا نموذجا لطغيان الإنسان.

أ- أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى هذا أول مظهر من مظاهر الطغيان، أن ينهى إنسان إنسانا عن الصلاة عبادة لله عزّ وجل، والخطاب في الآية الأولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم لافتا نظره إلى طغيان هذا الإنسان، وأنه نموذج على الطغيان كأثر عن رؤية الاستغناء.

ب- أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى والخطاب هنا على رأي النسفي للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الذي نرجحه، والذي يراه ابن كثير أن الخطاب لهذا الناهي قال: أي: فما ظنك إن كان هذا الذي تنهاه على الطريقة المستقيمة في فعله، أو أمر بالتقوى بقوله، وأنت تزجره وتتوعده على صلاته. أقول: الذي أرجحه أن الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم: ألا ترى أن هذا الإنسان لو كان على الهدى أو أمر بالتقوى أليس ذلك أجود له وأحسن بدلا من أن ينهى عن الهدى وعن التقوى بنهيه عن الصلاة، فدلت الآيتان على أن من مظاهر الطغيان عدم الاهتداء، وعدم الأمر بالتقوى.

ج- أَرَأَيْتَ يا محمد إِنْ كَذَّبَ هذا الناهي عن الصلاة وَتَوَلَّى أي: أعرض أي: كذب بالحق وأعرض عنه

أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى قال النسفي:

أي: ويطلع على أحواله من هداه وضلاله، فيجازيه على حسب حاله، وهذا وعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>