للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزيد بن رفاعة، وحسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، ومن ساعدهم مِنْكُمْ أي من جماعة المسلمين إما ظاهرا وباطنا، وإما ظاهرا وإن كان في القلب كافرا كعبد الله بن أبي لا تَحْسَبُوهُ أيها المسلمون شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لأن الله أنزل في البراءة منه ما أنزل، وفي ذلك من الدروس والعبر الكثير؛ إذ حمى الله بسبب العبرة من هذه القصة ملايين الأعراض، وبعضهم حمل الخطاب على أن المراد به آل بكر، وأن الخيرية لهم بسبب أن الحادثة كانت لسان صدق في الدنيا، ورفعة منازل في الآخرة، وإظهار شرف لهم باعتناء الله تعالى بعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، حيث أنزل الله براءتها في القرآن العظيم لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ أي لكل من تكلم في هذه القضية، ورمى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بشيء من الفاحشة نصيب عظيم من العذاب على مقدار خوضه فيه، وكان بعضهم ضحك، وبعضهم تكلم فيه، وبعضهم سكت وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ أي عظمه مِنْهُمْ أي من العصبة لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ أي جهنم ثم الأكثرون على أن المراد بذلك إنما هو عبد الله بن أبي

لَوْلا أي هلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ أي ذلك الكلام الذي رميت به أم المؤمنين رضي الله عنها ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً أي قاسوا ذلك الكلام على أنفسهم، فإن كان لا يليق بهم فأم المؤمنين أولى بالبراءة منه بطريق الأولى والأحرى، قال النسفي: (وإنما عدل عن الخطاب إلى الغيبة، وعن الضمير إلى الظاهر ولم يقل «ظننتم بأنفسكم خيرا وقلتم» ليبالغ في التوبيخ بطريق الالتفات، وليدل التصريح بلفظ الإيمان، على أن الاشتراك فيه يقتضي ألا يصدق مؤمن على أخيه ولا مؤمنة على أختها قول عائب

أو طاعن، وهذا من الأدب الحسن الذي قل القائم به، والحافظ له، وليتك تجد من يسمع فيسكت ولا يشيع ما سمعه بإخوانه) وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ أي كذب ظاهر على أم المؤمنين رضي الله عنها قال ابن كثير: (فإن الذي وقع لم يكن ريبة، وذلك أن مجيء أم المؤمنين راكبة جهرة على راحلة صفوان بن المعطل في وقت الظهيرة والجيش بكماله يشاهدون ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، ولو كان هذا الأمر فيه ريبة لم يكن هذا جهرة، ولا كانا يقدمان على مثل ذلك على رءوس الأشهاد، بل كان هذا يكون- لو قدر- خفية مستورا، فتعين أن ما جاء به أهل الإفك مما رموا به أم المؤمنين هو الكذب البحت، والقول الزور، والرعونة الفاحشة الفاجرة، والصفقة الخاسرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>