للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - [فائدة عظيمة في التأديب والتعليم من قوله تعالى وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ .. ]

قوله تعالى مُكَلِّبِينَ في الآية يفيد أنّ من يعلّم الجوارح ينبغي أن يكون موصوفا بالتكليب وإلّا فإن التعليم مفهوم من قوله تعالى: ما عَلَّمْتُمْ وعلّق النسفي على هذا بقوله: وفيه دليل على أنّ على كل آخذ علم ألّا يأخذه إلا من أمثل أهله علما، وأنحرهم دراية، فكم من آخذ من غير متقن قد ضيّع أيامه، وعض عند لقاء التماري أنامله. أي عند لقاء من يجادله.

[٣، ٤ - حلّ أكل صيد الكلب المعلم مع التسمية]

٣ - قال عليه وآله الصلاة والسلام: «إذا أرسل الرجل كلبه وسمّى فأمسك عليه فليأكل ما لم يأكل».

رواه ابن جرير وابن أبي حاتم. وفي الصحيحين عن عديّ بن حاتم قال: قلت يا رسول الله إنّي أرسل الكلاب المعلّمة وأذكر اسم الله فقال: «إذا أرسلت كلبك المعلّم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك. قلت: وإن قتله؟ قال وإن قتله ما لم يشركها كلب ليس منها فإنك إنمّا سمّيت على كلبك ولم تسمّ على غيره»، وقال بعض فقهاء الشافعية. إن أمسك الكلب ثمّ انتظر صاحبه فطال عليه وجاع فأكل منه لجوعه، فإنه لا يؤثّر في التّحريم. وحملوا على ذلك حديث أبي ثعلبة الخشني عنه عليه الصلاة والسلام «إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل، وإن أكل منه، وكل ما ردّت عليك يدك».

٤ - وفي الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام «إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله». قال ابن عباس: إذا أرسلت جارحك فقل باسم الله وإذا نسيت فلا حرج.

الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ كرّر هذا المعنى تأكيدا للمنّة. وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ. أي: وذبائح اليهود والنصارى حلّ لكم، وفسرنا الطعام هنا بالذبائح لأنّ سائر الأطعمة لا يختص حلها بالملّة. وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء، أنّ ذبائحهم حلال للمسلمين لأنّهم يعتقدون تحريم الذبح لغير الله، ويذكرون على ذبائحهم اسم الله، وإن اعتقدوا فيه تعالى ما هو منزّه عنه تعالى وتقدّس.

وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ. أي: فلا جناح عليكم أن تطعموهم لأنه لو كان حراما عليهم طعام المؤمنين لما ساغ لهم إطعامهم. فالمعنى إذن: ويحل لكم أن تطعموهم من ذبائحكم كما أكلتم من ذبائحهم وهذا من باب المكافأة والمقابلة والجزاء. وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ. أي: وأحلّ لكم نكاح المحصنات من المؤمنات والمحصنات هنّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>