للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا والآخرة يحمله في الدنيا على المعاصي، ويدخل معه النار يوم القيامة. قال النسفي: وفيه إشارة إلى أنّ من داوم عليه (أي: على الذكر) لم يقرنه الشيطان

وَإِنَّهُمْ أي وإن الشياطين لَيَصُدُّونَهُمْ أي: ليمنعون العاشين عَنِ السَّبِيلِ أي: عن سبيل الهدى وَيَحْسَبُونَ أي: العاشون أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ فهم ضالون ويظنون أنهم على الهدى كحال أكثر الخلق كل منهم يرى أن ما هو عليه عين الهداية وهيهات

حَتَّى إِذا جاءَنا أي: هذا العاشي قالَ لقرينه الشيطان يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ أي: المشرق والمغرب، أي: يا ليت بيني وبينك بعد المشرق من المغرب، والمغرب من المشرق فَبِئْسَ الْقَرِينُ الشيطان

وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ أي: صحّ ظلمكم وكفركم، وتبيّن ولم يبق لكم ولا لأحد شبهة في أنكم كنتم ظالمين، ولن ينفعكم اشتراككم في العذاب، أو كونكم مشتركين في العذاب كما كان عموم البلوى يطيّب القلب في الدنيا. قال ابن كثير: أي لا يغني عنكم اجتماعكم في النار واشتراككم في العذاب الأليم. وهكذا بيّن الله عزّ وجل عاقبة الغفلة والإعراض عن كتابه في الدنيا والآخرة.

كلمة في السياق: [حول الصلة بين المقطعين الأول والثاني من السورة]

قال تعالى في محور السورة من سورة البقرة: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ وقد عرضت السورة أنّ الله عزّ وجل هو منزل هذا القرآن، وأقامت الحجة من خلال ذكر خصائص القرآن أنه لا شك فيه، ورأينا كيف عالجت السورة مواقف الكافرين من هذا القرآن، واستقر السياق على تبيان عقوبة العشا عنه في الدنيا والآخرة، والآن يتوجه الخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم الذي أنزل عليه القرآن. ويستوعب هذا الخطاب بقية المقطع الأول وبداية المقطع الثاني.

أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أي: الذين فقدوا سمع القبول. أي: الذين لا يستمعون للحق استماع قبول ففي آذانهم صمم عن سماع الحق أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ أي: الذين فقدوا البصر، والمراد به بصر البصيرة، ففي قلوبهم عمى لا يرون معه الحق وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ عن الحق فلا يعرفه، ولا يعرف طريقه، ولا يهتدي إليه. قال ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>