أجناس الحمد وصنوفه لله تعالى كما جاء في الحديث «اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله»، واستدلوا من الفاتحة على المعتزلة بقوله تعالى: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وبقوله تعالى اهْدِنَا فلولا أن الله هو الخالق فكيف يستعان؟ وكيف تطلب الهداية منه؟ وهذا موضوع سنرى حيثياته في أمكنة أخرى.
[ملاحظة في قضايا اختلاف الأئمة]
يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح «إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه .... »، إن كل مناقشات أئمة أهل السنة والجماعة مع بعضهم إنما تدور حول أمور مشتبهات، وكل منهم على بصيرة حاول أن يعطي حكم الله في هذه الأمور، ومن ثم فالأمر واسع؛ فمهما كان الواحد منا على مذهب إمام في مثل هذه الشؤون فإنه لا حرج عليه، ولكن الخلاف بين أهل السنة والجماعة، وبين الفرق المنشقة عن جسم الأمة الإسلامية، كالمعتزلة وأنواع من المرجئة، وطوائف من الشيعة والخوارج ليس فيما ذكرنا، وإنما هو خلاف حيث لا ينبغي أن يكون خلاف لكثرة النصوص ووضوحها، ولذلك في قسم التفسير قد لا نعتني بعرض أدلة الأئمة في اختلافاتهم ولكننا نعتني بعرض الأدلة في أي خلاف بين أهل السنة والجماعة ومن خالفهم.
[٧ - فوائد]
أ- من أساليب العرب في الكلام: الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، والعرب يستكثرون منه، ويرون أن الكلام إذا انتقل من أسلوب إلى أسلوب أدخل في القبول عند السامع، وأحسن تطرية لنشاطه، وأملأ لاستلذاذ إصغائه، وتختص مواقعه بفوائد ولطائف يراعيها القائل وتتضح للحذاق المهرة. والقرآن جاء على أساليب العرب في الخطاب ومن ثم تجد فيه هذا النوع من طرق البيان على أدقها وأرقاها وأعظمها فوائد ولطائف وقد رأينا ذلك في سورة الفاتحة. إذ عدل عن لفظ الغيبة إلى الخطاب في قوله تعالى إِيَّاكَ نَعْبُدُ بعد قوله تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ .. قال صاحب الكشاف: هذا يسمى الالتفات في علم البيان، قد يكون من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى التكلم كقوله تعالى: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وقوله تعالى وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ. وقد التفت امرؤ القيس ثلاثة التفاتات في ثلاثة أبيات: