للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقوله قد اقتفى وراءه وقد نهى الله عزّ وجل عن اتباع سبيل المفسدين، ومن هاهنا امتنع طوائف من العلماء من قبول رواية مجهول الحال، لاحتمال فسقه في نفس الأمر،

وقبلها آخرون؛ لأنا إنما أمرنا بالتثبت عند خبر الفاسق وهذا ليس بمحقق الفسق لأنه مجهول الحال) قال الألوسي: (والظاهر أن المراد به هنا المسلم المخل بشيء من أحكام الشرع أو المروءة بناء على مقابلته بالعدل، وقد اعتبر في العدالة عدم الإخلال بالمروءة، والمشهور الاقتصار في تعريفه على الإخلال بشيء من أحكام الشرع فلا تغفل) ثم بين تعالى الحكمة في الأمر بالتثبت في خبر الفاسق فقال: أَنْ تُصِيبُوا أي: لئلا تصيبوا قَوْماً بِجَهالَةٍ يعني: جاهلين بحقيقة الأمر وكنه القصة فَتُصْبِحُوا أي:

فتصيروا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ قال النسفي: الندم: ضرب من الغم، وهو أن تغتم على ما وقع منك تتمنى أنه لم يقع، وهو غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام

وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ قال ابن كثير: (أي اعلموا أنّ بين أظهركم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فعظّموه ووقّروه وتأدّبوا معه وانقادوا لأمره؛ فإنه أعلم بمصالحكم، وأشفق عليكم منكم، ورأيه فيكم أتم من رأيكم لأنفسكم) ثم بين تعالى أن رأيهم في كثير من الأمور ليس لصالحهم فقال لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ أي: لو أطاعكم في جميع ما تختارونه لأدى ذلك إلى عنتكم وحرجكم وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ أي: حبّبه إلى نفوسكم وحسّنه في قلوبكم وَكَرَّهَ أي:

وبغّض إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وهو الجحود وَالْفُسُوقَ وهو الخروج عن أمر الله تعالى، قال النسفي: وهو الخروج عن محبة الإيمان بركوب الكبائر وَالْعِصْيانَ وهي جميع المعاصي، قال النسفي: وهو ترك الانقياد لما أمر به الشارع، وقال الألوسي:

الامتناع عن الانقياد أُولئِكَ أي: المتصفون بما مرّ هُمُ الرَّاشِدُونَ أي:

الذين قد آتاهم الله رشدهم، قال النسفي: (يعني أصابوا طريق الحق ولم يميلوا عن الاستقامة، والرشد: الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه من الرّشادة وهي الصخرة)

فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً قال ابن كثير: أي هذا العطاء الذي منحكموه هو فضل منه عليكم ونعمة من لدنه وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ أي: عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية، حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره

وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما أمر تعالى بالإصلاح بين الفئتين المقتتلتين من المؤمنين، وسمّاهم مؤمنين مع الاقتتال فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى قال النسفي:

بالاستكالة والظلم وإباء الصلح فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>