للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انفطرت وانشقت، وتدلت أرجاؤها، ووهت أطرافها. وقال النسفي: (أي:

فتحت فكانت أبوابا)

وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ. قال ابن كثير: أي: ذهب بها فلا يبقى لها عين ولا أثر

وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ. قال النسفي: أي: وقتت ومعنى توقيت الرسل تبيين وقتها الذي يحضرون فيه للشهادة على أممهم، وقال الألوسي:

(أي: بلغت ميقاتها الذي كانت تنتظره، وهو يوم القيامة، وجوز أن يكون المعنى:

عين لها الوقت الذي تحضر فيه للشهادة على الأمم)

لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ. قال ابن كثير: (أي: لأي يوم أجلت الرسل وأرجئ أمرها؟ حتى تقوم الساعة) وقال النسفي: (أي: أخرت وأمهلت، وفيه تعظيم لليوم وتعجيب من هوله). أقول:

هذا يفيد أن الرسل لا بد أن يؤدوا الشهادة، وتأجيل الشهادة لذلك اليوم لعظمة هذه الشهادة، ولعظمة ما يترتب عليها، فالآية فيها سؤال تعجيبي جوابه:

لِيَوْمِ الْفَصْلِ أي: أجلت الرسل لتأدية شهادتها على أممها ليوم الفصل، وهو اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق،

ثم قال تعالى معظما لشأن هذا اليوم: وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ سؤال تعجيبي فيه تعظيم لشأن ذلك اليوم، ولا يأتي جواب مباشر عن يوم الفصل، وإنما تأتي آية تقول:

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ. قال ابن كثير: (أي:

ويل لهم من عذاب الله غدا، وقد قدمنا في الحديث أن (ويل) واد في جهنم ولا يصح). أقول: وفي الصيغة دلالة على أن ثبات العذاب ودوامه كائنان للمدعو عليهم، وسنرى أن هذه الآية ستتكرر مرات في السورة، وفي كل مرة تأتي في محلها لتؤدي دورا، وبها هنا انتهت المجموعة الأولى لتعرفنا على جزء مما يكون في يوم الفصل وهو استحقاق المكذبين بالرسل للعذاب الأليم.

[كلمة في السياق]

١ - رأينا في هذه المجموعة صورة عما يكون يوم القيامة، وصلة ذلك بمقدمة سورة المرسلات واضحة، فالمقدمة تنتهي بقوله تعالى: إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ والمجموعة تحدثت عما يكون يوم يقع ذلك الوعد.

٢ - فصلت المجموعة في بعض ما له علاقة باليوم الآخر، وفي بعض ما له علاقة بالرسل، وأنذرت الذين لا يؤمنون بالرسل، وصلة ذلك بالآيات الأولى من سورة البقرة واضحة، فمن صفات المتقين أنهم يؤمنون بالغيب، وأنهم يؤمنون بما أنزل على محمد وإخوانه الأنبياء، وأنهم يوقنون بالآخرة، والمجموعة عرضت لجوانب تتعلق

<<  <  ج: ص:  >  >>