للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال الألوسي في تقديمه لسورة إبراهيم عليه السلام]

(أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير أنها نزلت بمكة، والظاهر أنهما أرادا أنها كلها كذلك، وهو الذي عليه الجمهور، وأخرج النحاس في ناسخه عن الحبر أنها مكية إلا آيتين منها فإنهما نزلتا بالمدينة وهما أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً .. الآيتين نزلتا في قتلى بدر من المشركين. وأخرج نحوه أبو الشيخ عن قتادة.

وقال الإمام: إذا لم يكن في السورة ما يتصل بالأحكام فنزولها بمكة والمدينة سواء إذ لا يختلف الغرض فيه، إلا أن يكون فيها ناسخ أو منسوخ فتظهر فائدته. يعني أنه لا يختلف الحال وتظهر ثمرته إلا بما ذكر، فإن لم يكن ذلك فليس فيه إلا ضبط زمان النزول وكفى به فائدة ....

وارتباطها في السورة التي قبلها واضح جدا؛ لأنه قد ذكر في تلك السورة من مدح الكتاب، وبيان أنه مغن عما اقترحوه ما ذكر، وافتتحت هذه بوصف الكتاب والإيمان، إلى أنه مغن من ذلك أيضا، وإذا أريد (بمن عنده علم الكتاب) الله تعالى ناسب مطلع هذه ختام تلك أشد مناسبة، وأيضا قد ذكر في تلك إنزال القرآن حكما

عربيا ولم يصرح فيها بحكمة ذلك، وصرح بها هنا، وأيضا تضمنت تلك الإخبار من قبله تعالى بأنه ما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله، وتضمنت هذه الإخبار من جهة الرسل عليهم السلام وأنهم قالوا: ما كان لنا أن نأتي بسلطان إلا بإذن الله، وأيضا ذكر هناك أمره عليه الصلاة والسلام بأن «عليه توكلت» وحكى هنا عن إخوانه المرسلين عليهم السلام توكلهم عليه سبحانه، وأمرهم بالتوكل عليه جل شأنه، واشتملت تلك على تمثيل للحق والباطل، واشتملت هذه على ذلك أيضا بناء على بعض ما ستسمعه إن شاء الله في قوله سبحانه ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً إلى آخره، وأيضا ذكر في الأولى من رفع السماء ومد الأرض وتسخير الشمس والقمر إلى غير ذلك مما ذكر، وذكر هنا نحو ذلك، إلا أنه سبحانه اعتبر ما ذكر أولا آيات، وما ذكر ثانيا نعما، وصرح في كل بأشياء لم يصرح بها في الأخرى، وأيضا قد ذكر هناك مكر الكفرة، وذكر هنا أيضا، وذكر من وصفه ما لم يذكر هناك، وأيضا قال الجلال السيوطي: إنه ذكر في الأولى قوله تعالى: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ وذلك مجمل في أربعة مواضيع: الرسل، والمستهزئين، وصفة الاستهزاء، والأخذ، وقد فصلت الأربعة في قوله تعالى أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ ... الآيات وقد اشتركت السورتان- مما عدا افتتاح كل منهما بالمتشابه- بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>