للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - إنه لمشهد واعظ، هذا المشهد الذي نراه في المجموعة الثانية يأتي بعد النداءات التي وجهت لبني آدم لتعميق معنى الالتزام بوحي الله، ولتعمق معنى الفرار عما يخالف ذلك.

٦ - والمجموعة كذلك تفصل في موضوع المحور، فتعطينا تصورا عن مآل من يتابع الوحي وتصورا عن مآل من يكفر، وتصورا عن مآل من يقتصد ولننتقل الآن إلى المجموعة الثانية من الفقرة الثانية في المقطع، فإنه بعد ما قرر الله تعالى قصة آدم في الفقرة الأولى، ونادى بني آدم النداءات الأربعة التي ختمت ببيان ما أعد الله لأهل الجنة، وما أعده للمكذبين المستكبرين في المجموعة الأولى من الفقرة الثانية، تأتي المجموعة الثانية في الفقرة الثانية ومحلها من السياق ما رأيناه:

[تفسير المجموعة الثانية من الفقرة الثانية]

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أي لا أحد أشنع ظلما ممن تقول على الله ما لم يقله، أو كذب ما قاله أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ أي ما كتب لهم من الأرزاق والأعمار والسعادة والشقاوة في الدنيا حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا أي ملك الموت وأعوانه يَتَوَفَّوْنَهُمْ أي يقبضون أرواحهم والآية تفيد أن نيلهم حظهم في الدنيا مستمر حتى ساعة التوفي فإن الملائكة تقول تقريعا قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي أين الآلهة الذين كنتم تعبدونهم من دون الله ليذبوا عنكم قالُوا ضَلُّوا عَنَّا أي غابوا عنا فلا نراهم وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ أي اعترفوا بكفرهم بلفظ الشهادة التي تفيد تحقيق الكلام

قالَ أي يقول الله يوم القيامة لهؤلاء الكفار ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ أي ادخلوا كائنين في جملة أمم مصاحبين لهم قد مضت من كفار الجن والإنس في النار كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها أي كلما دخلت أمة النار لعنت شبيهتها وشكلها في الدين، أي لعنت التي ضلت بالاقتداء بها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً أي حتى إذا تلاحقوا واجتمعوا في النار كلهم السابقون واللاحقون والسادة والأتباع قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ تحتمل أن تكون الأخرى منزلة والأولى منزلة أي: قال الأتباع والسفلة للسادة والرءوس، أي عنهم؛ لأن خطابهم مع الله لا معهم، وتحتمل أن يكون المتأخرون قالوا للمتقدمين، لأن ضلال المتأخرين كان بسبب الاقتداء بمن قبلهم، ويرجح هذا قوله تعالى: مِنْ قَبْلِكُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>