مسجده ولو ذهب إلى منزله لحاجة لا بد له منها فلا يحل له أن يمكث فيه إلا بمقدار ما يفرغ من حاجته تلك، من قضاء الغائط، أو الأكل، وليس له أن يقبل امرأته، ولا أن يضمها إليه. ولا يشتغل بشيء سوى اعتكافه ولا يعود المريض. ولكن يسأل عنه وهو مار في طريقه. تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ: أي الأحكام التي ذكرت أحكامه المحدودة.
فَلا تَقْرَبُوها: بالمخالفة والتغيير. كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ: أي شرائعه. فكما بين الصيام وأحكامه وشرائعه وتفاصيله، كذلك يبين سائر الأحكام على لسان عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ: أي لعلهم يعرفون كيف يهتدون، وكيف يطيعون، وكيف يجتنبون المحارم.
[أحاديث وآثار]
١ - أخرج الإمام أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:
«أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال: فأما أحوال الصلاة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهو يصلي سبعة عشر شهرا إلى بيت المقدس. ثم إن الله عزّ وجل أنزل عليه: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها الآية. فوجهه الله إلى مكة. هذا حال. قال: وكانوا يجتمعون للصلاة ويؤذن بها بعضهم بعضا حتى نقسوا أو كادوا ينقسون. ثم إن رجلا من الأنصار يقال له: عبد الله بن زيد بن عبد ربه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم، ولو قلت إني لم أكن نائما لصدقت، إني بينا أنا بين النائم واليقظان إذ رأيت شخصا عليه ثوبان أخضران. فاستقبل القبلة فقال: الله أكبر، الله الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، مثنى حتى فرغ من الأذان. ثم أمهل ساعة، ثم قال مثل الذي قال، غير أنه يزيد في ذلك: قد قامت الصلاة- مرتين-. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «علمها بلالا فليؤذن بها». فكان بلال أول من أذن بها. قال: وجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله. قد طاف بي مثل الذي طاف به، غير أنه سبقني. فهذان حالان. قال: وكانوا يأتون الصلاة وقد سبقهم النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها. فكان الرجل يشير إلى الرجل إذن كم صلى؟ فيقول: واحدة، أو اثنين. فيصليهما. ثم يدخل مع القوم في صلاتهم. قال: فجاء معاذ فقال: لا أجده على حال أبدا إلا كنت عليها ثم قضيت ما سبقني. قال: فجاء وقد سبقه النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها. قال: فثبت معه. فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقضى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه قد سن لكم معاذ