الإسلام أو السيف). وقد وصف الله هؤلاء بقوله تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فدلّ ذلك على أن المراد بهؤلاء هم العرب؛ لأن العرب وحدهم لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، ففي الآية إخبار عن غيب وقع بعد ذلك، ثم قال تعالى فَإِنْ تُطِيعُوا أي:
تستجيبوا وتنفروا في الجهاد، وتؤدوا الذي عليكم فيه يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً هو الجنة. قال النسفي: وفي الآية دلالة على صحة خلافة الشيخين حيث وعدهم الثواب على طاعة الداعي عند دعوته بقوله فَإِنْ تُطِيعُوا من دعاكم إلى قتاله يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً فوجب أن يكون الداعي مفترض الطاعة، ثم قال تعالى وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يعني: زمن الحديبية حيث دعيتم فتخلفتم يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً أي:
في الآخرة، ثم ذكر الله تعالى الأعذار التي تبيح ترك الجهاد، فمنها لازم: كالعمى والعرج، وعارض: كالمرض الذي يطرأ أياما ثم يزول، فصاحبه في حال مرضه ملحق بذوي الأعذار اللازمة حتى يبرأ، أما إذا كان مريضا مرضا لا يبرأ فهو من أصحاب الأعذار اللازمة.
وقد ذكر الله عزّ وجل الأعذار التي يباح بها ترك الجهاد في هذا السياق للبيان بأن هؤلاء لا يطالبون بالاستجابة لدعوة الجهاد فقال تعالى لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ قال النسفي: نفى الحرج عن ذوي العاهات في التخلف عن الغزو وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في الجهاد وغيره يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ أي: يعرض عن الطاعة فينكل عن الجهاد وغيره، ويقبل على المعاش على حساب الطاعة يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً قال ابن كثير: في الدنيا بالمذلة، وفي الآخرة بالنار، وبهذا انتهت الفقرة الأولى من المقطع الثاني.
كلمة في السياق:[حول الربط بين الفقرة الأولى وفاتحة المقطع والفقرة الثانية]
١ - تحدثت هذه الفقرة في مجموعاتها الثلاث عن المنافقين، وفتحت الطريق العملي لهم من أجل أن يتوبوا، وهو الجهاد الشاق الذي لا طمع فيه، فالتخلف عن التعبئة نفاق، والخلاص من النفاق يحتاج إلى مشاركة في تعبئة، وصلة ذلك بفاتحة المقطع واضحة لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ ...
٢ - جاء في المقطع الأول قوله تعالى لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ ..