للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هناك لحظة نعيم

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فلا تشكران في الدنيا بأن تصدقا وتؤمنا وتتقيا، وبعد أن بين الله عزّ وجل ما للمكذبين المجرمين الكافرين- أي غير المتقين- تبدأ السورة الآن تحدثنا عما أعده لله للمتقين بقسميهم: السابقين، وأهل اليمين.

[كلمة في السياق]

نلاحظ أن سورة الواقعة التي ستأتي بعد سورة الرحمن تحدثنا عن السابقين المقربين، وعن أهل اليمين، وعن أهل الشمال، وقد رأينا سورة الرحمن حدثتنا عن المجرمين أي: أهل الشمال، ثم يأتي قوله تعالى: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ.

ثم بعد ذلك بآيات يأتي قوله تعالى: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ.

روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى

ربهم عزّ وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن» وأخرج هذا الحديث بقية الجماعة إلا أبا داود، والسؤال الآن: هل هذه الجنات الأربع لنوع واحد فقط، أو جنتان لنوع، وجنتان لنوع آخر؟ قال ابن كثير: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:

وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ وفي قوله: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ: جنتان من ذهب للمقربين، وجنتان من ورق لأصحاب اليمين. فالآيات تتحدث عما أعد الله للسابقين، ثم عما أعده لأهل اليمين، بعد أن تحدثت عن جزاء المجرمين، وتأتي سورة الواقعة بعد ذلك لتكمل، فتبين ما أعده الله للسابقين، ثم لأهل اليمين، ثم للمجرمين، ثم تقيم الحجة على مجئ يوم الدين لتأمر بجانب من جوانب العبادة وهو تسبيح اسم الله العظيم كما سنرى. والمهم هنا أن نعرف أن الجنتين المذكورتين أولا في هذا السياق للسابقين، وأن الجنتين المذكورتين ثانيا هما لأهل اليمين. اللهم اجعلنا من السابقين المقربين.

...

وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ قال النسفي: فترك المعاصي، أو فأدى الفرائض جَنَّتانِ قال النسفي: (جنة الإنس، وجنة الجن، لأن الخطاب للثقلين، وكأنه قيل: لكل خائفين منكما جنتان جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجني). هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>