للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى ترجع إلى أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلم وتسمع للحق وتطيعه، وأمر الله هو المذكور في كتابه من الصلح، وزوال الشحناء، قال النسفي: وحكم الفئة الباغية وجوب قتالها ما قاتلت، فإذا كفّت وقبضت عن الحرب أيديها تركت فَإِنْ فاءَتْ أي: رجعت عن البغي إلى أمر الله فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ أي: بالإنصاف وَأَقْسِطُوا قال ابن كثير: أي واعدلوا بينهما فيما كان أصاب بعضهم بالقسط أي بالعدل، وقال النسفي: وهو أمر باستعمال القسط على طريق العموم بعد ما أمر به في إصلاح ذات البين إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ أي: العادلين

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ قال النسفي:

(هذا تقرير لما ألزمه الله من تولّي الإصلاح بين من وقعت بينهم المشاقة من المؤمنين، وبيان أن الإيمان قد عقد بين أهله من السبب القريب والنسب اللاصق ما إن لم يفضل الإخوة لم ينقص عنها، ثم قد جرت العادة على أنه إذا نشب مثل ذلك بين الأخوين ولادا لزم السائر أن يتناهضوا في رفعه وإزاحته بالصلح بينهما فالإخوة في الدين أحق بذلك) فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ يعني: الفئتين المقتتلتين وَاتَّقُوا اللَّهَ أي: في جميع أموركم فالتقوى تحمل على التواصل والائتلاف لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ دلّ ذلك على أن رحمة الله ينالها الأتقياء، قال ابن كثير: وهذا تحقيق منه تعالى للرحمة لمن اتّقاه.

[نقول]

[١، ٢ - عن الألوسي لتفسير كلمة «الفاسق» وحول آية .. فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما .. ]

١ - قال الألوسي: (ثم اعلم أن الفاسق قسمان: فاسق غير متأوّل وهو ظاهر ولا خلاف في أنه لا يقبل خبره، وفاسق متأول كالجبري والقدري، ويقال له المبتدع بدعة واضحة، فمن الأصوليين من رد شهادته وروايته للآية، ومنهم الشافعي، والقاضي، ومنهم من قبلهما، أما الشهادة فلأن ردها لتهمة الكذب والفسق من حيث الاعتقاد لا يدل عليه، بل هو أمارة الصدق؛ لأن موقعه فيه تعمقه في الدين، والكذب حرام في كل الأديان لا سيما عند من يقول بكفر الكاذب أو خروجه من الإيمان وذلك يصدّه عنه، إلا من يدين بتصديق المدعي المتحلي بحليته كالخطابية وكذا من اعتقد بحجية الإلهام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «نحن نحكم بالظاهر» وأما الرواية فلأن من احترز عن الكذب على غير الرسول صلّى الله عليه وسلم فاحترازه من الكذب عليه صلّى الله عليه وسلم أولى، إلا من يعتقد حل وضع الأحاديث ترغيبا أو ترهيبا كالكرامية، أو ترويجا لمذهبه كابن الراوندي، وأصحابنا الحنفية قبلوا شهادتهم لما مر دون روايتهم إذا دعوا الناس إلى هواهم، وعلى هذا جمهور أئمة الفقه والحديث؛ لأن الدعوة إلى ذلك داعية إلى التّقول، فلا يؤتمنون على الرواية ولا كذلك الشهادة. ورجح ما ذهب إليه الشافعي والقاضي بأن الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>