وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها أي من القرية آيَةً بَيِّنَةً أي واضحة. قال ابن كثير:(وذلك أنّ جبريل عليه السلام اقتلع قراهم من قرار الأرض، ثم رفعها إلى عنان السماء، ثم قلبها عليهم، وأرسل الله عليهم حجارة من سجيل منضود، مسوّمة عند ربك، وما هي من الظالمين ببعيد، وجعل الله مكانها بحيرة خبيثة منتنة، وجعلهم عبرة إلى يوم التناد، وهم من أشد الناس عذابا يوم المعاد) لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فمن عقل عرف الآية واتّعظ بها.
فائدة:[كلام الألوسي بمناسبة قوله تعالى عن قوم لوط وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ]
قال الألوسي عند قوله تعالى: وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ:
(أخرج أحمد، والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، والطبراني، والبيهقي في الشعب، وغيرهم عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت:«سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فقال: «كانوا يجلسون بالطريق فيخذفون أبناء السبيل ويسخرون منهم» وعن مجاهد، ومنصور، والقاسم بن محمد، وقتادة، وابن زيد: هو إتيان الرجال في مجالسهم يرى بعضهم بعضا. وعن مجاهد أيضا:
هو لعب الحمام، وتطريف الأصابع بالحناء، والصفير، والخذف، ونبذ الحياء في جميع أمورهم. وعن ابن عباس: هو تضارطهم وتصافعهم فيها، وفي رواية أخرى عنه هو الخذف بالحصى، والرمي بالبنادق، والفرقعة، ومضغ العلك، والسواك بين الناس، وحل الإزار، والسباب، والفحش في المزاح. ولم يأت في قصة لوط عليه السلام أنه دعا قومه إلى عبادة الله تعالى، كما جاء في قصة إبراهيم، وكذا في قصة شعيب الآتية؛ لأن لوطا كان من قوم إبراهيم، وفي زمانه، وقد سبقه إلى الدعاء لعبادة الله تعالى وتوحيده، واشتهر أمره عند الخلق، فذكر لوط عليه السلام ما اختص به من المنع من الفاحشة وغيرها، وأما إبراهيم وشعيب عليهما السلام فجاءا بعد انقراض من كان يعبد الله عزّ وجل ويدعو إليه سبحانه، فلذلك دعا كل منهما قومه إلى عبادته تعالى كذا في البحر).
كلمة في السياق:[حول صلة قصة لوط عليه السلام بالسياق الخاص للسورة وبالمحور]
لقد رأينا أن مقدمة السورة تحدثت عن سنة الله في امتحان أهل الإيمان، ثم تحدّثت عن كون الكافرين لا يفلتون من عذاب الله أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ ثم سار السياق حتى وصل إلى قصة لوط عليه السلام