وَيَعْقُوبَ ولد ولد. قال النسفي: ولم يذكر إسماعيل لشهرته. قال ابن كثير:
لمّا فارق قومه أقرّ الله عينه بوجود ولد صالح نبي، وولد له ولد صالح نبي في حياة جدّه. وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ أي في ذرية إبراهيم النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ أي جنس الكتاب يعني: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان. قال ابن كثير:(هذه خلعة سنية عظيمة، مع اتخاذ الله إياه خليلا وجعله للناس إماما، أن جعل في ذريته النبوة والكتاب فلم يوجد بني بعد إبراهيم عليه السلام إلا وهو من سلالته. فجميع أنبياء بني إسرائيل من سلالة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم حتى كان آخرهم عيسى بن مريم، فقام في ملئهم مبشرا بالنّبي العربي القرشي الهاشمي، خاتم الرسل على الإطلاق، وسيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، الذي اصطفاه الله من صميم العرب العرباء، من سلالة إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. ولم يوجد نبي من سلالة إسماعيل سواه صلّى الله عليه وسلم.
وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا من ثناء حسن، وصلاة عليه إلى آخر الدهر، ومحبة أهل الملل له، وغير ذلك. وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ أي من أهل الجنة. قال ابن كثير: (أي جمع الله له بين سعادة الدنيا الموصولة بسعادة الآخرة، فكان له في الدنيا الرزق الواسع الهني، والمنزل الرحب، والمورد العذب، والزوجة الحسنة الصالحة، والثناء الجميل، والذكر الحسن وكل أحد يحبه ويتولاه ... مع القيام بطاعة الله من جميع الوجوه).
[كلمة في السياق]
إن في قصة إبراهيم عليه السلام نموذجا على امتحان الله عباده المؤمنين، وعلى تكفيره لسيئاتهم، وإثابته إياهم، وإدخالهم في الصالحين، وعلى نصرته لهم في الدنيا والآخرة. وهي المعاني التي تعرضت لها السورة في جولتها الأولى، وكانت قصة إبراهيم عليه السلام نموذجا لبعض مضامين معانيها، وهذا من مظاهر صلة قصة إبراهيم بالسياق الخاص للسورة، وفي قصة إبراهيم نموذج على الإيمان الصادق بالغيب، وهذا مظهر من مظاهر صلة القصة بمحور السّورة من سورة البقرة، ولا ننسى أنّ من امتدادات مقدّمة سورة البقرة في السورة قصّة إبراهيم عليه السلام هناك، وهاهنا تأتي قصة إبراهيم كذلك، وفيها تفصيلات جديدة.