فقال: أي: وهم لا يشعرون بل يعتقدون أن ذلك من الله كرامة، وهو في نفس الأمر إهانة، وفسرها النسفي بقوله:(أي: من الجهة التي لا يشعرون أنه استدراج قيل:
كلما جددوا معصية جددنا لهم نعمة وأنسيناهم شكرها)
وَأُمْلِي لَهُمْ أي:
وأمهلهم إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أي: قوي شديد. قال ابن كثير: أي: عظيم لمن خالف أمري وكذب رسلي وأصر على معصيتي، وقال في الآية: أي: أؤخرهم وأنظرهم وأمدهم، وذلك من كيدي ومكري بهم.
[كلمة في السياق]
١ - جاء في محور السورة قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وجاء في الآيتين اللتين مرتا معنا قوله تعالى:
فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ فالآيتان توجهان رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يكون موقفه من المكذبين، وتعده أن الله عزّ وجل سيتولى أمر الانتقام منهم، وصلة ذلك بالمحور واضحة.
٢ - بعد أن ذكر الله عزّ وجل موقف الكافرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف أنهم يتهمونه أنه مجنون، وبعد أن رد الله عزّ وجل عليهم، ونهى رسوله صلى
الله عليه وسلم عن طاعتهم، ومثل لحالهم وأقام الحجة عليهم، يأتي الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكل أمر المكذبين إلى الله عزّ وجل، ثم تتجه السورة مرة ثانية لحوار المكذبين كما سنرى.
٣ - لاحظ صلة المثل الذي ذكره الله عزّ وجل في السورة بقوله تعالى فيها:
وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ففي قصة أصحاب الجنة نموذج لكيد الله المتين، ولنعد إلى سياق السورة.
...
أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً على تبليغ الرسالة فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ أي: غرامة ودفع مال مُثْقَلُونَ فلا يؤمنون أي: لست تطلب أجرا على تبليغ الوحي فيثقل عليهم فيمتنعوا لذلك. قال ابن كثير: والمعنى: أنك يا محمد تدعوهم إلى الله عزّ وجل بلا أجر تأخذه منهم، بل ترجو ثواب ذلك عند الله تعالى، وهم يكذبون بما جئتهم به لمجرد الجهل والكفر والعناد
أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ قال النسفي:(أي: اللوح المحفوظ عند الجمهور) فَهُمْ يَكْتُبُونَ منه ما يحكمون به.