للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا قال النسفي: الرسول: الذي معه كتاب من الأنبياء. والنبي:

الذي ينبئ عن الله عزّ وجل وإن لم يكن معه كتاب ... (وقد عرّف غيره الرسول والنبي بغير ذلك) وقد جمع الله لموسى الوصفين، فإنه كان من المرسلين الكبار أولي العزم الخمسة. وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلّى الله عليه وسلّم فهو رسول نبي مخلص، كما كان إبراهيم. وكما كان عيسى، فأين يذهب بالنصارى، إذ يقولون على الله ما لا يليق بجلاله، أفلا يكفي أن يوصف عيسى بأنه رسول نبي مخلص، وقد وصف من هو أرقى منه وأفضل كذلك وإنما فهمنا هذا المعنى من السياق لأننا نلاحظ أن السورة في بدايتها ونهايتها تركز على نقض أن يكون عيسى ابنا لله عزّ وجل، وهي مع هذا تؤكد في سياقاتها موضوع ربوبية الله وحده، ووجوب معرفته، والإخلاص في العبادة له وحده، كما تتعرض لقضايا أخرى مما خالف فيه الناس الحق

وَنادَيْناهُ أي ودعوناه وكلّمناه مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ الطور معروف وهو جبل في سيناء، والجمهور على أن المراد بجانبه الأيمن بالنسبة لموسى عليه السلام، لأن الجبل لا يمين له، والمعنى أنه حين أقبل من مدين يريد مصر نودي من الشجرة وكانت في جانب الجبل على يمين موسى وَقَرَّبْناهُ تقريب منزلة ومكانة نَجِيًّا أي مناجيا، فهذا موسى الذي هذا شأنه، وصفه الله أنه رسول نبي، وذلك إبراهيم وصفه أنه صدّيق نبيّ، فلم تغلون بعيسى فتصفونه بغير ما يوصف به إبراهيم وقد أعطاه الله ما أعطاه، وبغير ما يوصف به موسى وقد أعطاه الله ما أعطاه، ألا إنها الضلالة العمياء

وَوَهَبْنا لَهُ أي لموسى مِنْ رَحْمَتِنا أي من رحمتنا له وترؤفنا عليه أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا أي أجبنا سؤاله وشفاعته في أخيه، فجعلناه نبيا. قال بعض السلف: ما شفع أحد في أحد شفاعة في الدنيا أعظم من شفاعة موسى في هارون أن يكون نبيا، وإذن فإن يستجاب لموسى فيهب الله لهارون النبوة بشفاعته فذلك دليل على أن موسى في المكان العظيم عند الله، ومع هذا فإنه نبي رسول، فلماذا تغلون في عيسى وتصفونه بالألوهية.

وَاذْكُرْ يا محمد فِي الْكِتابِ أي القرآن إِسْماعِيلَ ابن إبراهيم الأكبر عليهما السلام إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ أي وافيه وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا قال ابن كثير: (في هذا دلالة على شرف إسماعيل على أخيه، لأنه إنما وصف بالنبوة فقط، وإسماعيل وصف بالنبوة والرسالة، وقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:

«إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ... ». وذكر تمام الحديث فدل على صحة ما قلناه)

وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ يحتمل أنه إنما خصت هاتان العبادتان

<<  <  ج: ص:  >  >>