١ - إن من أظهر أدلة رسولنا- عليه الصلاة والسلام- كونه أميا، ومع أميته رافق نبوته هذا القرآن الذي لا تنتهي عجائبه، ورافق نبوته هذه السنة العظيمة التي لا تحصى جوانب الكمال فيها، فإذا ما كانت هذه كلها مرافقة لأميته، وإذا كان هذا يصدق الكتب السابقة- بل يستوعبها كلها ويزيد عليها- فإن إنسانا عاقلا لا يشك بعد ذلك أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله، وأن هذا كله، مع ما مكن الله لرسوله ما كان ليكون لولا أن الله المحيط علما بكل شئ، والقادر على كل شئ، هو الذي بعث هذا الرسول الكريم.
٢ - وبمناسبة هذه الآية يذكر ابن كثير بعض الأحاديث ننقل منها ما يكفي عن مجموعها، ننقلها بعد مقدمة من كلامه قال: وهذا من شرفه وعظمته صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين، وأنه مبعوث إلى الناس كافة، والآيات في هذا كثيرة، كما أن الأحاديث في هذا أكثر من أن تحصر، وهو معلوم من دين الإسلام ضرورة أنه صلوات الله وسلامه عليه رسول الله إلى الناس كلهم. قال البخاري رحمه الله في تفسير هذه الآية: عن أبي الدرداء: كانت بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما محاورة. فأغضب أبو بكر عمر.
فانصرف عنه عمر مغضبا، فأتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه. فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقال أبو الدرداء ونحن عنده- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أما صاحبكم هذا فقد غامر» أي غاضب وحاقد، قال: وندم عمر علي ما كان منه فأقبل حتى سلم وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقص على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو الدرداء: وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل أبو بكر يقول: والله يا رسول الله لأنا كنت أظلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هل أنتم تاركو لي صاحبي؟ إني قلت: يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا فقلتم: كذبت. وقال أبو بكر: صدقت» وروى الإمام أحمد بإسناد قوي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك قام من الليل يصلي، فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه، حتى إذا صلى انصرف إليهم فقال لهم: «لقد أعطيت الليلة خمسا ما أعطيهن أحد قبلي، أما أنا فأرسلت إلى الناس كلهم عامة وكان من قبلي إنما يرسل إلى قومه، ونصرت على العدو بالرعب، ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر لمليء مني رعبا. وأحلت لي الغنائم آكلها.
وكان من قبلي يعظمون أكلها، كانوا يحرقونها، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت، وكان من قبلي يعظمون ذلك، إنما كانوا