بِإِذْنِهِ أي: بأمر الله ما يَشاءُ الله من الوحي. إِنَّهُ أي: إن الله عَلِيٌّ قاهر فلا يمانع حَكِيمٌ في أقواله وأفعاله، فلا يعارض وبهذا انهى المقطع.
كلمة في السياق:[حول صلة المقطع الثاني بمحور السورة]
إن ارتباط آيات المقطع ببعضها، وارتباط مجموعاته ببعضها، كل ذلك قد ذكرناه أثناء عرضنا لمجموعات المقطع وفقراته وآياته. ويبقى أن نرى هنا صلة المقطع بمحور السورة. إن محور السورة هو الآيات الأولى من مقدمة سورة البقرة، وقد تعرض المقطع لإنزال هذا القرآن، ولكونه من عند الله، وذكر مواصفات أهل الآخرة: من إيمان وتوكل وصلاة وإنفاق. ولذلك صلاته بمقدمة سورة البقرة، فلقد نال قوله تعالى:
الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ تفصيلا في سورة الشورى، كما نال قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ تفصيلا، ونال قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ تفصيلا، ونال قوله تعالى. أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ تفصيلا، ولكنه تفصيل ليس كطريقة البشر في التفصيل بل هو تفصيل معجز.
فأنت إذ تدرس السورة دراسة تفصيلية، ترى أنّك قد خرجت من السورة وقد ازدادت قضايا الاهتداء بالكتاب والإيمان والعمل وغيرها وضوحا، فازددت تمسكا وعملا، وزادتك بصيرة. وبهذا يكمل البناء شيئا فشيئا.
[الفوائد]
١ - [لماذا سميت مكة أم القرى؟]
بمناسبة قوله تعالى: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها قال ابن كثير:
(وسميت مكة أمّ القرى؛ لأنها أشرف من سائر البلاد لأدلة كثيرة مذكورة في مواضعها، ومن أوجز ذلك وأدله ما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عدي بن الحمراء