من إحياء العظم قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ الرميم: اسم لما بلي من العظام.
قال ابن كثير:(أي استبعد إعادة الله تعالى ذي القدرة العظيمة التي خلقت السموات والأرض للأجساد والعظام الرميمة، ونسي نفسه، وأن الله تعالى خلقه من العدم إلى الوجود، فعلم من نفسه ما هو أعظم مما استبعده وأنكره وجحده). ولهذا قال عزّ وجل:
قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أي خلقها أَوَّلَ مَرَّةٍ أي ابتداء وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ أي مخلوق عَلِيمٌ لا يخفى عليه شئ، ومن ذلك أجزاء الحي بعد موته، فإنها- وإن تفرقت في البر والبحر- يجمعه الله ويعيده كما كان. قال ابن كثير:
أي يعلم العظام في سائر أقطار الأرض وأرجائها، أين ذهبت، وأين تفرّقت وتمزقت
الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ قال قتادة: الذي أخرج هذه النار من هذه الشجرة، قادر على أن يبعثه، وقال ابن كثير:(أي الذي بدأ خلق هذا الشجر من ماء حتى صار خضرا نضرا، ذا ثمر وينع، ثم أعاده إلى أن صار حطبا يابسا توقد به النار، كذلك هو فعّال لما يشاء، قادر على ما يريد، لا يمنعه شئ). ثم بيّن تعالى أن من قدر على خلق السموات والأرض مع عظم شأنهما فهو على إعادة خلق الأناسي أقدر
أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ قال ابن كثير: أي مثل البشر فيعيدهم كما بدأهم بَلى أي قل: بلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ أي الكثير المخلوقات الْعَلِيمُ أي الكثير المعلومات
إِنَّما أَمْرُهُ أي شأنه إِذا أَرادَ أن يكوّن شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ أي فيحدث. قال ابن كثير:(أي إنما يأمر بالشيء أمرا واحدا، لا يحتاج إلى تكرار وتأكيد). قال النسفي:(أي فهو كائن موجود لا محالة).
ثم ختم الله عزّ وجل السورة بقوله: فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ أي ملك كل شئ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أي تعادون بعد الموت بلا فوت. قال ابن كثير:(أي تنزيه وتقديس وتبرئة من السوء للحي القيوم الذي بيده مقاليد السموات والأرض، وإليه يرجع الأمر كله وله الخلق والأمر، وإليه ترجع العباد يوم المعاد، فيجازي كل عامل بعمله، وهو العادل المنعم المتفضل).