حاجتهم ثم أخذوا. وروى ابن أبي حاتم أيضا أن قتادة قال: بغت القوم أمر الله، وما أخذ الله قوما قط إلا عند سكرتهم، وغرتهم، ونعمتهم؛ فلا تغتروا بالله فإنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون.
وروى ابن أبي حاتم أيضا ... عن عبادة بن الصامت: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: «إذا أراد الله بقوم بقاء- أو نماء- رزقهم القصد والعفاف، وإذا أراد الله بقوم اقتطاعا فتح لهم- أو فتح عليهم- باب خيانة حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ كما قال: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. وهذا الموضوع مما ينبغي أن يعرفه كل إنسان، فإن أكثر الناس غافلون عن هذا المقام إذا أصابهم النعماء جعلوها علامة على الرضى، وإذا أصابهم غير ذلك جعلوها علامة السخط، ولم يرافق ذلك عندهم تضرع وإنابة وتوبة، وكثيرون من الناس يغترون بما عليه الناس من نعمة، أو يحكمون على مقاماتهم عند الله بما يرون من صعوبات تعترضهم، وكل هؤلاء معرفتهم بالله قاصرة، وإدراكهم لقهر الله وفعله محدود. وعلينا أن ندرك في هذا المقام أن الاستدراج والإملاء قد يكون لفرد، وقد يكون لأمة، وقد يكون لقوم، وقد يكون لدولة. فليحذر الإنسان سخط الله، وليحاسب نفسه.
٢ - [كلام صاحب الظلال عن تاريخ الأمم السابقة]
بمناسبة الكلام عن الأمم التي أرسل الله لها رسلا وسنّة الله فيها قال صاحب الظلال: «ولقد عرف الواقع البشري كثيرا من هذه الأمم، التي قصّ القرآن الكريم على الإنسانية خبر الكثير منها، قبل أن يولد «التاريخ» الذي صنعه الإنسان! فالتاريخ الذي سجّله بنو الإنسان حديث المولد، صغير السن، لا يكاد يعي إلا القليل من التاريخ الحقيقي للبشر على ظهر الأرض! وهذا التاريخ الذي صنعه البشر حافل- على قصره- بالأكاذيب والأغاليط، وبالعجز والقصور عن الإحاطة بجميع العوامل المنشئة، والمحرّكة للتاريخ البشري، والتي يكمن بعضها في أغوار النفس، ويتوارى بعضها وراء ستر الغيب، ولا يبدو منها إلا بعضها. وهذا البعض يخطئ البشر في جمعه، ويخطئون في تفسيره، ويخطئون أيضا في تمييز صحيحه من زائفه- إلا قليلا- ودعوى أي بشر أنه أحاط بالتاريخ البشري علما، وأنه يملك تفسيره تفسيرا «علميا» وأنه
يجزم بحتمياته المقبلة أيضا .. هي أكبر أكذوبة يمكن أن يدّعيها بشر! ومن عجب أن بعضهم يدعيها! والأشد إثارة للعجب أن بعضهم يصدقها! ولو قال ذلك المدعي:
إنه يتحدث عن (توقعات) لا عن (حتميات) لكان ذلك مستساغا .. ولكن إذا